مقالات

محللون سياسيون

بقلم: علي عطوان الكعبي
 مع تصاعد أحداث المتغيرات التي تعصف بالعالم،
تتنافس القنوات الإعلامية للحصول على معلومة السبق الإعلامي الذي يأتي في
شكل الأخبار والتقارير والتغطيات الميدانية. وغاية في الإحاطة بهذه الأحداث
تلجأ هذه القنوات إلى الاستعانة بذوي الخبرة من المتابعين ممن يطلق عليهم
بالمحللين السياسيين أو المحللين الإستراتيجيين لتقديم قراءات مستفيضة
للحدث أو ما وراءه، وما ينعكس عنه من تأثير. وهذا في حد ذاته شيء لاغبار
عليه؛ فالمواطن مهما كانت متابعته للأحداث تظل قراءته محدودة، ويظل بحاجة
لمن يقدم له توضيحا أو شرحا يضعه في إطار صورة مايحدث بالجوانب كافة.
فالمحلل السياسي – كما ينبغي أن يكون- شخص يمتلك الكفاءة والمؤهلات التي
تمكنه من الاستقراء القائم على أسس منطقية يقدم من خلالها معلومات لم تتم
الإشارة إليها، ولم يسبقه أحد إلى طرحها بناء على رؤيته الخاصة فيما يتعلق
بالحدث. ولأهمية دور التحليل السياسي في التفصيل ولإحاطة والإستقراء، وجدت
مراكز الدراسات وهيئات البحث التي تختص بالتحليل على وفق منهجية علمية.
ولشدة تسارع الأحداث التي تعصف بالعالم، فان القنوات الإعلامية لاتلتفت إلى
كفاءة المحلل السياسي أحيانا، بقدر التفاتها إلى مواكبة قراءة الحدث،
فتأتي استنادا على ذلك بمن ليس له خبرة في هذا المجال متجاوزة مهنيته أو
حرفيته، طالما يتوافق مايتبناه مع نهجها وخطابها الإعلامي؛ إلى الحد الذي
أصبح معه بعض المحللين كأنهم “ماركة مسجلة” لدى هذه القناة أو تلك، حتى بات
من اليسير معرفة القناة بحسب محلليها السياسيين لكثرة ظهورهم واستضافتهم
فيها!.
وبناء على ذلك اختلط الحابل بالنابل وتعدد المحللون السياسيون لكثرة الطلب
عليهم. وليس بعيدا وسط هذه الحمى، أن نجد ذات يوم رابطة أو اتحادا للمحللين
السياسيين يتم الانتماء لهما على غرار كثير من الروابط والمنظمات الأخرى،
بل ربما سنشهد تحول الكثير من الكتاب والأدباء والمثقفين إلى هذه الاتحادات
للعمل بصفة “محلل سياسي”، كما هو حاصل اليوم، بعد أن صرنا نرى أن بعضا
منهم قد أصبح بين ليلة وضحاها محللا سياسيا، أوخبيرا أمنيا، أومحللا
إستراتيجيا يصول ويجول هنا وهناك. لاسيما أن الأمر لايتطلب سوى قراءة بعض
الصحف ومتابعة ماينشر على صفحات الإنترنت من الأخبار التي تتعلق
بالأحداث؟!، والاسترسال من دون دراية، طالما أنه يملأ فراغا في منهاج بعض
القنوات!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى