حوارات

معاناة ضحايا النظام السابق على طاولة البحث / داود سلمان الساعدي / شبكة الساعه الاخبارية

 معاناة ضحايا النظام السابق على طاولة البحث / داود سلمان الساعدي / شبكة الساعه الاخبارية
من
خلال ما يعيشه المرء والصحفي تحديداً لمجمل الحياة العامة في هذه الأيام
يستطيع وبقدر ما يسمح به الوقت أن يكتب العشرات من القصص الإخبارية أو
الريبورتاجات الصحفية لأن الوضع العام وبكل مفرداته الاجتماعية والسياسية
والاقتصادية يخلق لك مناخا في أن تكتب ما تريد.

والحمد لله ان حياتنا العامة في العراق الديمقراطي والصراعات
السياسية الحادة التي وصلت حد التخوين والسب والشتم تستطيع من خلالها ان
تكتب ما تريد وقد يكون التحقق في أي موضوع لتلك المفردات لا غبار عليه، بل
يكون متميزا لأن يحاكي الواقع ويترجم النبض الحقيقي لما يعانيه الشارع
العراقي .
ولكن هذه المفردات وتلك التداعيات لم تستوقفني في الكتابة.
وهناك المزيد من الموضوعات التي تنتظر النشر، ولكن ما قادني إلى كتابة هذا
الموضوع، الرسالة التي بعث بها أحد المواطنين من محافظة بابل حيث اعتصرني
الألم في قراءتها للمرة الأولى.
فقد قادتني هذه الرسالة الى ان اوجه
رسالة او صرخة لكل السياسيين ومن يعنيهم الامر في مؤسسة السجناء السياسيين
بل ذهبت الى أكثر من ذلك، فقد قرأت النسخة التي احتفظ بها للقانون رقم (4)
لسنة 2006 والموسوم قانون مؤسسة السجناء السياسيين.
تقول الرسالة وهي من
زميل صحفي تربطه علاقات اجتماعية وثيقة الصلة بالشهيدين أو المفقودين وليد
عبد الحسين وزميله في الدراسة الثانوية “مهند”، اللذين تم اعتقالهما وهما
يوديان الامتحان الفصلي في ثانوية التأميم بمحافظة بابل في عام 1991 حيث تم
اعتقالهما أمام مرأى ومسمع الطلبة والإدارة في تلك الثانوية المنكوبة،
ويقول الزميل في رسالته:
بعد سقوط النظام الفاشي عام 2003 تبرعت إلى
جانب عدد من الأخوة والأصدقاء في البحث عنهما في سجلات الأمن والمخابرات
التي تمت السيطرة عليها الا اننا فشلنا في العثور على بصيص من الأمل
للعائلتين المنكوبتين وهذا ما جعلنا نستسلم للقدر.
بعد عام 2006 تنفسنا
الصعداء حين علمنا أننا سنحصل على حقوق وامتيازات العائلتين المنكوبتين من
خلال قانون مؤسسة السجناء السياسيين الذي جاء في مادته الثانية وأنها تهدف
الى معالجة الوضع العام للسجناء المعتقلين السياسيين وتعوضيهما ماديا
ومعنويا بما يتناسب مع حجم التضحيات التي يقدمها السجين السياسي والمعاناة
التي عاشها جراء سجنه او اعتقاله، وهذا يعني أن هذين الشابين لم يعودا
معتقلين بل سيتم تعوضيهما كما نصت تلك المادة بعد أن قدما نفسيهما فداء
للوطن وللتجربة الجديدة وللوضع السياسي الجديد، الذي يتربع فوق عرشه العديد
من الانتهازيين والنفعيين والذين تاجروا بالعملية السياسية والتاريخ
النضالي لكل المجاهدين والمناضلين الذين نزفوا دما من أجل الوطن، وها هم
يتم تزوير تاريخهم، رغم أنهم شريحة مهمة تعتبر بحق سفرا خالداً لمسيرة
النضال الحقيقي التي ساهمت بصنع المناخ الثوري للانتفاضة والتغيير وهنا
لابد من ان نتحدث بشكل واضح وصريح مع ما يسمى بمؤسسة السجناء السياسيين
التي افرغت القانون من محتواه المهني والعقائدي والانساني .. ويحضر في
الاذهن سؤال واحد وهو كم من الانتهازيين والقذرين من أيتام النظام السابق
والمجرمين والمزورين واللصوص قد حصلوا على تلك الامتيازات بهذا القانون بعد
ان استشرى الفساد ثم الفساد والفساد في هذه؟.
المؤسسة التي ساهمت ومع
الأسف في التآمر على القانون ولعنه دون أن تدري، ولو كنت تدري فالمصيبة
أعظم أنها أعطت حقوقا لمن لا حق له من الانتهازيين واللصوص وجبابرة النظام
الفاشي السابق. وهنا تحضرني مجموعة من القصص والروايات لهذا الانحراف
الخطير في هذه المؤسسة فهناك من تم سجنه في ابي غريب وهو محكوم عن جنحه
مخلة بالشرف وسرقة المال العام، ومجرمون من أيتام النظام السابق وبدرجات
ومستويات حزبية متقدمة وتأتي هذه المؤسسة العتيدة لتعطيهم صك الغفران
وتزودهم بكتب ووثائق كونهم سجناء سياسيين، في حين أن المناضلين الحقيقيين
والذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، أمثال وليد ومهند وداود الساعدي وقد مضى
على سقوط النظام عشر سنوات ولم تروج معاملات الكثير منهم من بغداد الرصافة
والكرخ والمحافظات، وغيرهم من آلاف الذين لم تحصل عوائلهم حتى على كتاب شكر
وتقدير وهو أضعف الإيمان.
في رسالة أخرى للمواطن واثق جريان حامد الذي
كان عريفا في الجيش العراقي وهو يسكن في محافظة الناصرية وقد تم طرده من
الجيش السابق. بسبب معارضته للنظام وجرى اعتقاله عام 1997 وقد حكم عليه
بالاعدام، وتعرض الى شتى انواع التعذيب داخل السجون، وبعدها جاء قانون
العفو العام عن السجناء وقد خرج من السجن عام 1995 بقانون العفو، هذا بعد
أن تعرض إلى آلام شديدة في جسده، وراجعت، عائلته أطباء عديدين لكنه فارق
الحياة بسبب اعتقاله السابق وهو رجل كبير وتوفي في عام 1997، وبعد سقوط
النظام الفاشي راجع ذووه مؤسسة السجناء السياسيين وقدموا مجموعة من الوثائق
في مقدمتها مقتبس الحكم الصادر من محكمة جنايات الأمن العامة لكنهم لم
يحصلوا على أي حقوق من جراء التضحيات التي قدمها والدهم للوطن، لذا أدعو
مؤسسة السجناء السياسيين إلى إنصافه وتخصيص راتب تقاعدي للعائلة التي تحملت
القهر والجور والإقصاء بسبب مواقف الوالد الوطنية.
أما الرسالة الثالثة
فهي رسالة من الإعلامي داود سلمان الساعدي ويحكي فيها معاناته من جراء
الحيف الذي وقع عليه بسبب طرده من الجيش واعتقاله في الامن العامة اعتقالا
على ذمة التحقيق لمدة شهر واحد بسبب التهمة التي نسبت اليه بوجود تنظيم
معادي في الجيش عام 1972 عندما كان طالباً في مدرسة المظليين صنف التموين
الجوي وقد نفذ حكم الاعدام بثلاثة من زملائه في مدرسة الشهيد جواد صوب الله
من أهالي بغداد الجديدة، منهم الشهيد غالي العتابي والشهيد سامي وهؤلاء من
مدينة الصدر، والتهمة الموجهة اليهم هي تنظيم عسكري لحزب الدعوة، وجرى
اعتقال مجموعات كبيرة في مدرسة المظليين. صنف التموين الجوي، وكان هذا
الصنف المظلي يرأسه آنذاك النقيب محمد الشهواني من اهالي الموصل الذي شغل
بعد سقوط النظام مدير جهاز المخابرات العراقية وهو برتبة لواء وكان قد فر
إلى عمان لاشتراكه “بمؤامرة” ضد نظام الطاغية صدام مع بعض التنظيمات
العسكرية، ولكن تم إطلاق سراحي من “الأمن العامة” لكوني شاباً صغيراً ولعدم
ثبوت الأدلة ضدي، فتم طردي من الجيش وتحطم مستقبلي العسكري، وتم تعييني في
وزارة التجارة، الشركة العامة للأسواق الحرة، وبعدها تم نقلي إلى الشركة
العامة للأسواق المركزية، وجرى فتح قيد سياسي فيها لمدة عشرين عاماً، وكل
سنة يجري اعتقالي في الأمن ثم أخرج بكفالة ضامنة، وفي عام 1999 وبعد
استشهاد السيد الشهيد “محمد صادق الصدر” اختفيت عن عيون النظام الدكتاتوري
وهربت إلى عمان لمدة سنة واحدة زاولت خلالها بعض الأعمال الحرة، ومنذ سقوط
النظام في العام 2003 إلى يومنا هذا لم احصل على اي حقوق من مؤسسة السجناء
السياسيين لكوني معتقلاً في الامن العامة وليس لديّ اي مقتبس حكم، علما أني
قدمت معاملة الى دائرة السجناء السياسيين في شارع فلسطين الرصافة واخذوا
بصمات الاصابع وفتح اضبارة ولم يستدعني احد لحد الآن، في حين ان تعليمات
مؤسسة السجناء السياسيين تنص على أن أي أحد من السياسيين أو الموقوفين أو
المحكومين في زمن النظام السابق لم يحصل على وثائق تؤيد ذلك، لفقدانها او
حرقها بعد سقوط النظام فان التعليمات توصي بجلب شاهدين من الثقاة ليقسما
بكتاب الله تأييدا له، وأنا مستعد أن آتي بالمئات من الذين أعرفهم ويعرفون
قصتي مع النظام السابق وما عانيته من آلام نفسية واعتقال وغربة قبل هروبي
الى سوريا وعمان، وفي نهاية رسالتي ارجو رفع صوتي مع السجناء السياسيين كي
احصل على حقي الضائع من هذه المؤسسة.
ولطالما نكتب اليوم عن مؤسسة
السجناء السياسيين، مالها وما عليها، فإننا لا بد ان نذكر بعض الشرائح
الاجتماعية والأحزاب السياسية التي نالت نصيبها سواء من خلال الاعتقال ام
الابادة الجماعية ام التهجير المتعمد وكما حصل للأكراد الفيليين، وظلم
مؤسسة السجناء السياسيين لهم, وقد تطرقت عضو الجمعية الوطنية السابقة فائزة
باباخان الى القانون 4 لسنة 2006 والذي تشكلت بموجبه مؤسسة السجناء
السياسيين مشددة على التعريف بالحقوق التي جاء بها قانون المؤسسة للسجين
السياسي ومنها تعويضه ماليا ومعنويا عن معاناته أثناء مدة اعتقاله وتقديم
الحقوق إليه بالتنسيق مع المؤسسات غير الرسمية الاخرى وتوفير فرص العمل له
وإكمال دراسته بما فيها اكمال الدراسات العليا دون شرط العمر وتقديم
التسهيلات للسجين بمستوى معيشي لائق، ثم عرجت بابا خان على التعريف الذي
تنطبق عليه شروط السجين السياسي بحسب قانون مؤسسة السجناء السياسيين وقالت
ان السجين لديه مقتبس حكم جراء اختلافه بالرأي مع النظام الذي كان قائما أو
بسبب تعامله مع حزب آخر أنتمنى إليه من غير حزب البعث، وأضافت أن من ليس
لديه مقتبس حكم فبإمكانه جلب شاهدين يثبتان انه كان سجينا سياسيا، مشيرة
الى ان الكرد الفيليين المسفرين حرموا من الاوراق الثبوتية، ونوهت بابا خان
عن بنية المؤسسة او التغيير الحاصل فيها بعدم استغلال الاموال التي توفرت
لدى المؤسسة في اقامة مشاريع اقتصادية كذلك عدم اعطاء رواتب تقاعدية لكثير
من المشمولين، علما أن المشمولين بإجراءات المؤسسة، إذا كان غير موظف فانه
يعطى راتبا تقاعديا وتحتسب له مدة الخدمة والسجن لغرض العلاوة والترفيع،
وان كان موظفا يستحق راتبه الوظيفي لمدة عشرة أعوام، موضحة انه يختار احد
الراتبين، واكدت بابا خان تخصيص قطعة أرض للمشمول اضافة الى التسهيلات
المصرفية، وقالت ان بعض المواطنين سلمت معاملتهم الى المؤسسة في شهر نيسان
من العام الماضي ولم يجر ترويجها اضافة الى الزخم الحاصل في تدقيق
معاملاتهم من هيئة المساءلة والعدالة، وتحدثت بعد ذلك فيروز حاتم عضو مجلس
رعاية مؤسسة السجناء السياسيين عن مهمات المجلس المتمثلة ببقاء مسؤولين في
المناصب ويحرم السجين السياسي من جميع الامتيازات التي اقرها قانون تشكيل
المؤسسة، موضحة ان هناك مشروعا قدم الى مجلس النواب لتعديل اسم المؤسسة
باسم مؤسسة السجناء السياسيين والمعتقلين السياسيين ليشمل شريحة أكبر
وأوسع، واشتكت من سوء الاداء والظلم الذي وقع على بعض شرائح المجتمع ومنهم
السجناء السياسيون، وأكدت حاتم أن قرار المحكمة الجنائية العليا وبعد ما
تعرض له الكرد الفيليون من جرائم وابادة جماعية فعلى مؤسسة السجناء
السياسيين إنصافهم. وهناك حالات مخلة بالشرف مشمولة بنظام المؤسسة وكثير من
أفراد النظام السابق ويفترض بالسلطة التنفيذية أن تأخذ دورها.
واكدت
انه يجب كشف اسماء المزورين، كما اكدت ان هناك 300 معاملة لم يتم فيها طلب
مقتبس الحكم وهذا فساد في عمل المؤسسة وإذا رفض أي شخص بعدم انتمائه
للمؤسسة عليه خلال شهر التمييز واذا رفض مرة اخرى فباستطاعته التقديم عن
طريق محكمة البداءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى