مقالات

عزف على وتر {التقسيم}

بقلم: حمزة مصطفى
 الاميركان الذين اردناهم بعد 2003 عونا بات يطلع لنا
منهم كل عدة سنوات اكثر من فرعون, من بايدن صاحب التقسيم الى ماك ثورنبيري
صاحب التسليح. الاميركان الذين تقول ادارتهم انها تتعامل مع عراق موحد
بمكونات مذهبية وعرقية متعددة يحلو لهم التلاعب بالالفاظ والعواطف لكي
يأكلوا بعقولنا حلاوة، فالكونغرس يعكس الآية دائما ويتعامل مع مكونات
عراقية مختلفة من وجهة نظره في كل شيء. حتى مشروع تقسيم العراق الى دويلات
او ولايات ثلاث “شيعية وكردية وسنية” طرحه بايدن ايام كان سيناتورا في
الكونغرس، وحين جاء الى الادارة نائبا للرئيس حمل معه وديعته, تلك الوديعة
التي اهلته لأن يكون مسؤول الملف العراقي في الادارة الديمقراطية. المفارقة
ان بايدن لم يعد يتحدث وهو نائب للرئيس عن قضية التقسيم، لكنه لو قيض له
العودة الى الكونغرس ثانية لأخرج مشروع الدويلات الثلاث من ادراج مكتبه
وبدأ “يهوّس” به كما لو كان تعويذة سحرية لإنقاذ العراق من أزماته.
ثورنبيري أراد ان يكحلها فـ”عماها” حين طرح بخبث اول بذرة عملية لهذا
التقسيم النظري عمليا عبر التسليح. والتسليح في العادة هو آخر حلقة في
سلسلة اجراءات قيام الدول المستقلة. مع ذلك هناك من عمل على تسطيح القضية
لاسيما من رأى ان لا داعي لمثل هذه “الخبصة” طالما ان الكونغرس الاميركي
وضع شرطا امام الحكومة العراقية في حال الاخلال به فانه سوف يتم تنفيذ
المشروع. بعيدا عن نظرية مؤامرة التقسيم التي ذهب اليها آخرون كما لو كان
العراق سيقسم قبل حلول شهر رمضان المقبل فان الشرط الكونغرسي للحكومة
العراقية هو بحد ذاته تدخل فج في سياسة دولة تقول سفارة واشنطن في بغداد
انها ذات سيادة. عليهم ان يجيبونا من منهم يحق له الحديث عن السيادة
الموحدة للدولة او عن سيادات منفردة للمكونات؟ ومن يملك الحق في كيفية
تنفيذ الاتفاقيات بين الدول بصرف النظر ان كانت تتعلق بالتسليح او بسواه من
القضايا الاخرى.. الحكومات ام البرلمانات؟
ما نريد التأكيد عليه هنا هو أن لغة اللف والدوران التي يتعامل بوساطتها
الاميركان معنا لا تعكس خلافات داخلية بينهم سواء كانوا ديمقراطيين او
جمهوريين لأنهم (سمن على عسل) في ما يتعلق بثوابت السياسة الخارجية
الاميركية. لذلك فان اكثر ما نخشاه هو التطمينات التي تردنا من الادارة عبر
السفارة بينما قرارات الكونغرس الاميركي بل وحتى مقترحات اعضائه المنفردة
دائما تعكس سياسة ربما مستقبلية او تصورا لسياسة مقبلة.
مما يزيد من خطورة مثل هذه الافكار والمشاريع والمقترحات هو انها تجد صداها
لدينا في الداخل رفضا وقبولا, سلبا وايجابا, بطريقة خاطئة، فبسبب غياب
الموقف الموحد لدينا وقبله عدم الاتفاق على الثوابت الوطنية فان القبول بأي
مشروع او مقترح اميركي من اطراف في الداخل يفجر ازمة. وفي المقابل فان
الرفض هو الآخر يفجر ازمة. قبول القرار ازمة, ورفضه ازمة. والضحية هو الوطن
الذي ما زلنا نبحث عن نشيد “وطني” له

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى