مقالات
القلق العقائدي
بقلم: حسين القاصد
تقوم المؤسسات العقائدية على مركزية وقدسية الأوامر
والقوانين والتوجيهات اليومية، المدنية منها أو العسكرية، وغالبا ما
يتداخل المدني بالعسكري، وقد ورثت بعض الايديولوجيات السياسية من قوانين
الاديان الضبطية الشيء الكثير، فلقد كان من الضبط اليومي على الفرد المسلم
هو أن يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يصلي الجمعة، ومكان الصلاة هو
الجامع، والجامع تصدر منه الأوامر الحكومية، وتأخذ مداها الأوسع في
الانتشار، وبين خمسة أوقات أو خمسة التزامات يومية، والتزام اسبوعي، يكون
المسلم قد عاش حياته كلها للدين، لذلك لن يحيد عنه، وليس له أن يكون خارج
هذا النسق، حيث سينشز عن الرهط، وينفضح أمره ويعيش معزولا واضحا، وهو نظام
انضباطي مرتبط بالثواب والعقاب الغيبي المقدس، وقد نجحت دولة الاسلام وفق
هذا الضبط وحافظت على مبادئها.
في العصر الحديث ظهرت ايديولوجيات مدنية، وكانت العربية منها تستنسخ
التجربة الاسلامية بحذافيرها، فكان حزب البعث المنحل يرهق اعضاءه
بالاجتماعات الاسبوعية، والخفارات التي تحرس الفرق الحزبية في أوقات لا قلق
أمني فيها، وهيمنت مفردات البعثيين التي جعلت البعثي كالببغاء يردد الشعار
ـ المطلوب منه حفظه ـ عند دخوله القاعة، ويبدأ كتابته بديباجه وضعها له
الحزب، وينهي كلامه بشعار من شعارات الحزب، لذلك اصبح الحزب هاجسا يوميا،
وضاغطا نفسيا، يؤديه الفرد كي يحظى برضا مسؤوليه، ويرتفع درجة عنه، او يحصل
على وجاهة ووظيفة مرموقة.
ولعل طول فترة حكم البعث المنحل، والملل والروتين الذي كان يعيشه المواطن،
ووجود القناعة المسبقة عند بعض المواطنين، هو الذي ولّد خيبة منتسبيه،
وجعلهم يمارسون روتيناً مملاً، فهو ليس كحياة الدولة الاسلامية الأولى التي
كانت تأتي بجديد غيبي كل لحظة اجتماع جديد.
“داعش” انتبهت الى هوس العراقيين والسوريين، فهما جناحا البعث المنحل،
ولأنها لا تريد أن تفضح نفسها، لم تتبع الاجتماعات الاسبوعية، ولم تعلن
اعادة البعث الذي طالما ظل يبحث عن وحدة بين العراق وسوريا، لذلك قام بعثيو
“داعش” بالرجوع الى الالتزام المقدس، بعد أن فقد التزام البعثيين بأفكار
حزبهم قداسته ونفعيته، لذلك لجأت لقانون الخلافة، والخليفة له الأمر
والنهي، وعلى الشعب أن يتجمع كل جمعة كي يسمع أوامر الخليفة الجديدة، وهكذا
ولأن البعثيين مؤهلون للضبط النفعي، صار تنظيم “داعش” تنظيما عقائديا.
وحين احتلت “داعش” المدن، واعتمدت على الرعب الاعلامي، من قطع اليد والرمي
من فوق البنايات، صار للخليفة عند الدواعش الأمر الذي لا يرد، فهو أمر
عقائدي، لكن سرعان ما هُزمت “داعش” وعقيدتها حين واجهت رجالا عقائديين،
فمعارك محافظة صلاح الدين، ومعركة تكريت ما كانت لتنتهي بالنصر لولا أن
الذين واجهوا “داعش” يحملون عقيدة مغايرة، وامتازوا بالذود عن مبادئهم
والثبات على مواقفهم، لذلك انتصروا بوقت قياسي وبخسائر عسكرية أقل نوعاً
وكماً.
تقوم المؤسسات العقائدية على مركزية وقدسية الأوامر
والقوانين والتوجيهات اليومية، المدنية منها أو العسكرية، وغالبا ما
يتداخل المدني بالعسكري، وقد ورثت بعض الايديولوجيات السياسية من قوانين
الاديان الضبطية الشيء الكثير، فلقد كان من الضبط اليومي على الفرد المسلم
هو أن يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يصلي الجمعة، ومكان الصلاة هو
الجامع، والجامع تصدر منه الأوامر الحكومية، وتأخذ مداها الأوسع في
الانتشار، وبين خمسة أوقات أو خمسة التزامات يومية، والتزام اسبوعي، يكون
المسلم قد عاش حياته كلها للدين، لذلك لن يحيد عنه، وليس له أن يكون خارج
هذا النسق، حيث سينشز عن الرهط، وينفضح أمره ويعيش معزولا واضحا، وهو نظام
انضباطي مرتبط بالثواب والعقاب الغيبي المقدس، وقد نجحت دولة الاسلام وفق
هذا الضبط وحافظت على مبادئها.
في العصر الحديث ظهرت ايديولوجيات مدنية، وكانت العربية منها تستنسخ
التجربة الاسلامية بحذافيرها، فكان حزب البعث المنحل يرهق اعضاءه
بالاجتماعات الاسبوعية، والخفارات التي تحرس الفرق الحزبية في أوقات لا قلق
أمني فيها، وهيمنت مفردات البعثيين التي جعلت البعثي كالببغاء يردد الشعار
ـ المطلوب منه حفظه ـ عند دخوله القاعة، ويبدأ كتابته بديباجه وضعها له
الحزب، وينهي كلامه بشعار من شعارات الحزب، لذلك اصبح الحزب هاجسا يوميا،
وضاغطا نفسيا، يؤديه الفرد كي يحظى برضا مسؤوليه، ويرتفع درجة عنه، او يحصل
على وجاهة ووظيفة مرموقة.
ولعل طول فترة حكم البعث المنحل، والملل والروتين الذي كان يعيشه المواطن،
ووجود القناعة المسبقة عند بعض المواطنين، هو الذي ولّد خيبة منتسبيه،
وجعلهم يمارسون روتيناً مملاً، فهو ليس كحياة الدولة الاسلامية الأولى التي
كانت تأتي بجديد غيبي كل لحظة اجتماع جديد.
“داعش” انتبهت الى هوس العراقيين والسوريين، فهما جناحا البعث المنحل،
ولأنها لا تريد أن تفضح نفسها، لم تتبع الاجتماعات الاسبوعية، ولم تعلن
اعادة البعث الذي طالما ظل يبحث عن وحدة بين العراق وسوريا، لذلك قام بعثيو
“داعش” بالرجوع الى الالتزام المقدس، بعد أن فقد التزام البعثيين بأفكار
حزبهم قداسته ونفعيته، لذلك لجأت لقانون الخلافة، والخليفة له الأمر
والنهي، وعلى الشعب أن يتجمع كل جمعة كي يسمع أوامر الخليفة الجديدة، وهكذا
ولأن البعثيين مؤهلون للضبط النفعي، صار تنظيم “داعش” تنظيما عقائديا.
وحين احتلت “داعش” المدن، واعتمدت على الرعب الاعلامي، من قطع اليد والرمي
من فوق البنايات، صار للخليفة عند الدواعش الأمر الذي لا يرد، فهو أمر
عقائدي، لكن سرعان ما هُزمت “داعش” وعقيدتها حين واجهت رجالا عقائديين،
فمعارك محافظة صلاح الدين، ومعركة تكريت ما كانت لتنتهي بالنصر لولا أن
الذين واجهوا “داعش” يحملون عقيدة مغايرة، وامتازوا بالذود عن مبادئهم
والثبات على مواقفهم، لذلك انتصروا بوقت قياسي وبخسائر عسكرية أقل نوعاً
وكماً.