حوارات الأدباء «القاتلة»
ينفعل الأدباء سبا وشتما فيما بينهم! وربما توثيقا لفكرة النوايا السليمة
والسيئة يأخذ بعضهم ألف منحى بالتجاوز اللفظي! وربما عجزا عن الاقرار بأن
دوره بات غائبا عن الواقع المتشابك، يأخذ بيد الضحية قربانا لفكرة طائفيته
المقيتة!! وربما يعد تخلفا فكريا حين يناقش بعضهم بطريقة من يغرد خارج
السرب؟
حوارات الأدباء باتت عبئا فكريا على مشهدنا الثقافي والإنساني، وبات
الدخول في فكرة الرأي تجعلك مندهشا من كثرة من يسحبك إلى مدارات متداخلة
بضبابية غير مفهومة، فقط ليصل إلى مبتغاه في تفريغ الرأي من محتواه
الحقيقي، الذي لايمكن أن يختلف عليه إثنان وهو يؤكد أن فكرة ” المواطنة” لا
تحتاج إلى استدلالات لفظية للتحقق
منها .
نقاشات تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى في المنتديات الثقافية، وثالثة
في المجالس الأدبية، ورابعة في مقاهي المتنبي وقاعاته المنتشرة برواد كثر،
وخامسة في مؤسسات إعلامية ومحطات فضائية، سادسة وعاشرة في أي مكان يتواجد
فيه من يحمل كتابا في يده وكلمات في رأسه وبقايا تغريدات سجلها في
موقعه التواصلي، وما عليه إلا أن يصب جام غضبه علينا لاننا لم ننتبه ”
لطروحاته” الفذة ولم نعلق بما يستحق!!
هل الوطن في رحلة استجمام أم في معركة مصيرية؟ وهل المثقف ينحصر دوره
بالنقاشات الشتائمية أم بالفعل الإيجابي المطلوب؟ وهل يستحق من يروج للعنف
ويفرح للقتل ويسعد لرؤية الدماء أن يحمل صفة أديب ومثقف؟؟
الوطن يعيش في خيار ثابت أما التكاتف وأما التشرذم.. وما يتوجب علينا هو
أكثر من أن نملأ الفضاء صراخا واستفزازا وتشتتا، بل ان نعمل على فكرة تحديد
الأولويات ووضوح الرؤية وتأشير الخلل الحقيقي، وليس التهويل والعويل وصب
الزيت على النار، الوطن في أزمة.. تلك هي الحقيقة الثابتة، ولسنا بحاجة إلى
بذل الجهد لنعرف من هو العدو، ومن الصديق، ولسنا في حاجة لبحث المسببات
التي نعرفها جيدا، وكل ما علينا أن نعرف هو كيف نصل إلى نتائج إيجابية.
دور المثقف هو المساهمة في التشخيص والتفاعل مع كل المجريات بوضوح ودون
التباس والتوقف عند النقاط الحاسمة حين نكتشف لعبة الخديعة التي تحاول
تمريرها بعض قنوات الإعلام المدفوع الثمن من دماء قواتنا المسلحة
ومواطنينا والأبرياء، الذين كل ذنبهم انهم تواجدوا في الزمان والمكان غير
المناسبين، فأصبحوا طعما للحاقدين والمندسين والمخططين لاستلاب كرامة
الإنسان، وحريته في حقوقه التي أقرتها الشرائع السماوية، وحفظها الدستور
بالعيش بأمان وسلام في أية بقعة يختارها في وطن يتسع دائما لكل
الأبناء.
الوطن والمثقف والقضايا الحاسمة، لا يمكن لهذا الثالوث أن ينفصل عن الواقع
ليحدثنا المثقف عما يشغله شخصيا متناسيا أن الفرد يشكل عنصر المجموعة، وان
انفصل فلا قيمة إنسانية له حين يجلس متفرجا على ما يجري بقلب اخرس وعقل
صامت.