مقالات

أشبال الخراب

بقلم: د. كريم شغيدل
ما يقرب من ألف طفل عراقي من أبناء محافظة نينوى
يتوزعون على أربعة معسكرات تدريب، على أيدي العصابات الإرهابية (داعش)،
تتراوح أعمارهم بين (10- 16) عاماً، عرضت بعض وسائل الإعلام جانباً من
تدريباتهم على ما يسمى بالقتال الأعزل وتدريبات القوة وفنون الكاراتيه
والتدريبات العسكرية على السلاح الخفيف والمتوسط، ألف ضحية من أطفال العراق
بيد المجرمين، يلقنونهم الكراهية ويطعمونهم الحقد، ويصورون لهم الآخر
المختلف عدواً لله ولرسوله، وكافراً مشركاً يحل قتله بأمر الله، وسيكون ذلك
مدعاة لدخول الجنة والتقرب لله ونيل رضاه، يا للرعب!! هذه ربما أبشع ما
ترتكبه عصابات (داعش) من جريمة نكراء بحق أطفال قاصرين حرمتهم من مقاعد
الدراسة لتزجهم في أتون حروبها
القذرة.
تحـشيد الأطـفال بهذا العـدد يعـطي مؤشـراً واضـحاً لحاجة (داعـش) إلى
المقـاتلين بـعد الخسائر الجسيمة التي منيت بها عـلى أيدي قـواتنا البـاسلة
وأبـطال الحشد الشعبي وأبـناء العشـائر، ويشير في الوقت ذاتـه إلى خطورة
المخطط الإجـرامي لتفريخ الإرهاب ونـشر ثـقافة العـنف بين مخـتلف الأجـيال،
ومن النـاحية الأمـنية قـد يعني ذلك: ان قـواتنا الأمنية إذا ما أنجزت
مهمتها في تحرير نينوى- بتوفـيق من الله وهـمة المخـلصين من أبنـاء
العـراق- فانـها ستجد نفسها بمواجهة ألـف قنـبلة مـوقـوتة، وربـما ألف حزام
ناسف – لا سمح الله- أو ألف مقـاتل غير منـظور، صـبيان يتـخفون بـين
الـناس ويلهون في الأزقة والشوارع وينتشرون على السطوح وبين تلاميذ
المدارس، وسينفذون كما هو مخطط لهم عمليات إجرامية، عند ذاك سيخرج لنا من
يتباكى على الطفولة، وسيتم تلفيق الصور لمقتل أطفال على أيدي قواتنا
الأمنية أو الحشد الشعبي أو أبناء العشائر، وسيسعى بعض الساسة المشتركين
بالعملية السياسية إلى المطالبة بالتحقيق وتدويل الملف، وتتعالى صيحات
البعض لإنقاذ الطفولة البريئة.. إلخ.. لكن الآن لم نجد من يعترض على تجنيد
(داعش) لأولئك الأبرياء المساكين المغلوب على أمرهم، ولم نجد من يحث الآباء
والأمهات على منع أبنائهم من الانخراط في صفوف (داعش)، وتجنب الخطر المحدق
بهم.
هذه الجريمة تحتاج إلى حل حقيقي عاجل، أي معالجة تلك المعسكرات أمنياً، بما
يراه القادة الأمنيون مناسباً، مع ضرورة تدويل هذا الملف الخطير، وإشراك
قوات التحالف الدولي بما لديها من إمكانات تقنية وتسليحية، فمن تسميهم
(داعش) بأشبال الخلافة، هم أشبال خراب، سيشكلون عبئاً أمنياً لم يحسب له
حساب، وبطبيعة الحال لا يمكننا أن نطالب، لا نحن ولا المجمتع الدولي برمته،
عصابات (داعش) أو نلزمها بالقوانين الدولية التي تمنع إشراك الأطفال في
أعمال العنف والحروب، مثلما تمنع من تشغيلهم في أعمال تنتهك طفولتهم
وتحرمهم سبل العيش الكريم وحقوقهم المكفولة في التعليم والصحة والعيش
بأمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى