مقالات

الحياد الإيجابي

بقلم: ياسين العطواني
 من الواضح ان المنطقة، ومنذ فترة ليست بالقصيرة
تشهد تمحورا إقليميا، أخذ يتشكل على خلفيات قومية، وطائفية، وايديولوجية.
وها هي الأحداث المتوالية تبرهن على ذلك. وقد بدأت ملامح هذا التمحور
تتبلور اليوم مع العملية العسكرية (عاصفة الحزم) التي قادتها السعودية ضد
اليمن، بمشاركة عدد من الدول الإقليمية. ومن المعلوم ان منطقة الشرق الأوسط
كانت ولا تزال أحد أهم بؤر الصراع الدولي المعاصر، ومن أكثر مناطق
الاستقطاب في العالم، فمنذ عدة عقود وهي ساحة لاستعراض موازين القوى
الدولية والإقليمية. وقد ارتبط هذا الأمر بجملة عوامل ومسببات، أبرزها
العامل الاقتصادي، والموقع الجيوستراتيجي للمنطقة، وما رافق ذلك من متغيرات
دولية هامة.ما يعنينا من هذا الأمر، هو موقف العراق الرسمي من هذا
الاستقطاب، وهذا التمحور الإقليمي، ولهذا علينا ان نحدد خياراتنا، وان نتخذ
الموقف الصحيح والمناسب في كل ما يدور حولنا. لذا يجب ان يكون الموقف
المعلن من سياسة المحاور هذه واضحاً وجلياً، وان تؤخذ بنظر الاعتبار كل
تجليات هذه الاصطفافات الإقليمية، وما ينبثق عنها من أزمات، منطلقاً في ذلك
من مصلحة وطنية عليا، وبعيداً عن أية مؤثرات خارجية، على اعتبار ان ما
يطرح اليوم من مواقف ومتبنيات سياسية تتبناها جهات إقليمية معروفة لا تصب
بالضرورة في صالح شعوب المنطقة، وبالتالي فإن الانضمام الى أي محور ستكون
له بلا شك تبعات ونتائج عكسية، العراق في غنى عنها في هذه المرحلة التي
نتفق على أهميتها وخطورتها.
ولكن هذا لا يعني التقوقع والانكفاء على الذات، والابتعاد عن التفاعل مع
القضايا الدولية والإقليمية، بل السعي الى تعزيز مكانة العراق إقليمياً
ودولياً، من خلال الانفتاح على دول العالم، والتعاون مع دول الجوار على
أساس المصالح المشتركة، وحسم الخلافات مع بعض هذه الدول، والعمل على بناء
جبهة دولية لمكافحة الإرهاب في العراق والمنطقة، وبما يضمن تحقيق الأمن
والاستقرار في البلاد، وهذا ما أشار اليه البرنامج الحكومي الذي اعتمد على
الثوابت والخطوط العامة التي جاء بها الدستور، لرسم ملامح سياسة العراق
الخارجية، عبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وبناء علاقات سلمية
وبناءة مع أطراف المجتمع الدولي، ومراعاة مبادئ حسن الجوار، والسعي لحل
النزاعات بالوسائل السلمية. وبالمقابل على الدول المختلفة، ولاسيما دول
الجوار، مراعاة هذه المعايير الدولية في تعاملها مع العراق، والابتعاد عن
الأساليب القديمة التي لا تصب باتجاه تحسين العلاقات بين الجانبين. ومن هنا
فإن الضرورة تقتضي في هذه المرحلة من العراق كبلد، اتباع سياسة الحياد
الإيجابي من النزاعات والأزمات الإقليمية والدولية، وذلك لتجنب التداعيات
والمواقف السلبية التي ستحدث في حال انضمام العراق الى أي محور إقليمي لا
ينسجم مع الثوابت الوطنية التي حددها الدستور. ونعتقد ان السياسة الخارجية
للحكومة سائرة في تطبيق هذه المفاهيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى