مقالات

ماذا كنتم تفعلون؟

غسان الكاتب
عاد الحديث مجدداً في الكواليس عن الادخار الاجباري، ونيّة استقطاع مبالغ
من الرواتب الأسمية لكافة الموظفين دون استثناء، وبأثرٍ رجعي، وبنسبٍ
تتراوح بين عشرين في المئة لمدة ثلاثة أشهر، وعشرة في المئة ، لما تبقى من
السنة المالية الحالية، ورغم الإعلان قبل شهر تقريباً، إن الموضوع مجرد
مقترح، قد لا يخضع للتطبيق إلّا إنّ  تسريبات من اروقة وزارة المالية،
تؤكد إنّهُ خاضع للموازنة ومنذ بداية العام الحالي ، فلماذا لم يعلن عن
الأمر رسمياً، حتى يأخذ الموظف احتياطاته، ويعيد النظر بموازنته هو أيضاً ؟
أم إن للدولة الحق بأن  تعيد النظر بموازنتها، وترفق لها ملحقاً أو
تقلّصها كيفما تشاء، وتبعاً لمواردها ، والمواطن لا ؟ ولماذا يبقى الأمر
طيّ الكتمان لحين تنفيذه؟ هل في الأمر شيء سلبي، قد لا يرضي شريحة الموظفين
الكبيرة أم إن الدولة أعلى من أن تنظر بعين العطف والتعاون مع مواطنيها؟
واذا كان من حقّ الموظف على الدولة أن تؤمن له أسباب العيش الكريم ، وهذا
الأمر مكفول دستورياً، ولا فضل لاحد عليهم، ما داموا يؤدون الخدمة العامة
ويلتزمون بضوابطها.. لذا فأن أي تقليص في وارداته مع ارتفاع متطلبات
المعيشة وزيادة أجور الكهرباء والماء والضرائب، والتزامات دورية مع اصحاب
المولدات، وتكاليف المستشفيات والاطباء والاعباء الاخرى ، سيؤدي حتماً الى
خللٍ كبير في العلاقة بين الدولة والموظف وحالة من التذمر تنتج :
– زيادة  في حالات الفساد والتجاوز على المال العام.
– تراجع اداء المؤسسات العامة وازدياد حالات تسرب الموظفين.
-ضياع التخطيط الاستراتيجي مع غياب الإرادة التنفيذية، الحريصة على الاداء بسبب التفاوت بين المسؤولية والاجور.
– ازدياد الهوة بين القطاع العام والقطاع الخاص ، لصالح الثاني وعلى حساب المواطن.
اذا كنا لم نتعض ونستفيد من تجارب الدول المجاورة التي تعتمد صناديق
الاجيال للاستفادة منها في مثل هذه الظروف التي يختل فيها ميزان المدفوعات،
ومستويات الانفاق العام، واذا كان سياسيّونا لم يفتأوا يصرحون وعلى أعلى
المستويات بعدم المساس بقوت المواطن ،والعمل على زيادة مدخولاته خلافاً
للحقيقة التي يضمرونها، واذا كان القائمون على الاقتصاد لا يفعلون شيئاً،
سوى اتخاذ قرارات غير محسوبة، وذات مردود سريع النتائج ، فلا تُسلّم رواتب
للحشد الشعبي ومقاتليّ العشائر، وهم من يبذل الغالي والنفيس في سبيل البلاد
، ويستقطع من رواتب الموظفين لسدّ عجز الموازنة ، ويتوقف 150 مشروعاً
استثمارياً وخدمياً في بغداد وحدها لغياب التخصيصات ، ويهتز وضع الدينار
امام العملات ، وتظهر فقاعة شحّ السيولة وأزمة اقتصادية شديدة تتصاعد معها
دعوات ربط الحزام للأعوام القادمة، لمجرد هبوط أسعار النفط عالمياً، فاين
التخطيط المستقبلي ومن المسؤول عما يحصل ، ومن يسائل السياسيين والمعنيين:
ماذا كنتم تفعلون طوال السنوات الماضية؟؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى