خبيران: أسباب عدة وراء غياب العملات المعدنية
يعد اصدار العملة من اهم واجبات البنك المركزي في اي بلد في العالم وفقا لقوانين البنوك المركزية التي تخولها باصدار العملة وبمواصفات ومميزات نموذجية. وتعرف العملة بانها وسيلة تبادل لشراء وبيع السلع والخدمات ينظر اليها على انها وسيلة لخزن الثروة ، وهي فعلا مقياس للثروة الا اذا انخفضت قيمتها جراء ظروف اقتصادية وسياسية وفقدت هذه الخاصية.
وقام البنك مؤخرا بطباعة عدد من العملات الورقية بفئات صغيرة وبمواصفات قال عنها البنك انها بطيئة التلف ويصعب تزويرها الى جانب انها مطبوعة بورق خاص مصنوع بمواصفات عالية ، مشيرا الى انها تأتي ضمن تطوير سلسلة الاوراق النقدية المتداولة. وقد يتبادر الى الاذهان سبب عدم سك نقود معدنية جديدة الى جانب ضخ العملات الورقية الى الجمهور.
الخبير الاقتصادي الدكتور هلال الطعان اجاب عن هذا التساؤل بالقول : إن لاستقرار الاوضاع العامة في البلد الاثر البالغ في كل الامور الاقتصادية ومنها سك العملات النقدية.
واضاف الطعان في تصريح لـ(الصباح) ان التضخم الذي حصل في العراق في تسعينيات القرن الماضي ابان العقوبات الدولية أدى الى انخفاض قيمة العملة العراقية بصورة عامة ما أدى الى نفور الجمهور منها بسبب ثقل وزنها في الجيب مقابل انخفاض قيمتها وانخفاض قدرتها الشرائية.
العملة المعدنية coin هي عبارة عن قطع من المعدن تقسم إلى فئات نقدية محددة وحسب احجام معينة يراعى البنك المركزي ان يكون معدنها يوازي قيمتها في التبادل لقيمتها السعرية ، كما يراعي ان تحمل رموزا وطنية وتاريخ سكِّها. .يذكر ان سك ألعملة المعدنية سابق لأصدار العملة الورقية بحسب شواهد تاريخية.
واكد الخبير الاقتصادي ان اقتصاد العراق (الذي يمكن ان نطلق عليه اقتصاد ازمات) لايساعد في هذه الظروف على سك العملات المعدنية لانه يعاني اوضاعا مضطربة وغير مستقرة فضلا على ان الجمهور اعتاد على حمل الاوراق النقدية منذ اكثر من عشرين عاما، وبالتالي فان لتقبل الجمهور اهمية كبيرة في المساعدة على انتشار تداولها.
واوضح ان العملة الورقية تؤدي مهمتها منذ ذلك الوقت وقد اغنت كثيرا عن سك العملات ، مشيرا الى ان البنك المركزي قام في العام 2004 بسك فئات نقدية بقيمة 25 و50 و100 دينار ، الا ان رد فعل الجمهور جاء بعدم تقبلها ما حدا بالمركزي الى اعادة سحبها واستمرار العمل بالعملات الورقية.
وبين ان النقود المعدنية لاتتحمل الاقيام الكبيرة كما هو حال النقود الورقية ووزنها اثقل وتحتاج لمكان كبير لحفظها اوخزنها في حالة كثرتها وهذا ايضا يمثل احد الاسباب في عدم تفكير البنك المركزي بسك النقود.
من جانبه قال المستشار المصرفي الدكتور عصام المحاويلي ان البنك المركزي يعد مؤسسة نقدية من واجبها إصدار العملة والحفاظ على قيمتها والرقابة على المؤسسات المالية و الجهاز المصرفي في البلاد اضافة الى الحفاظ على معدلات اسعار الصرف وخلق حالة من التوازن في الاسواق لتحقيق الاستقرار والحد من التضخم من خلال ممارسة سلطته النقدية الممنوحة له بموجب القانون.
واضاف المحاويلي ان قيام البنك المركزي بطبع سلسلة من العملات يأتي كاجراء لسحب الاوراق النقدية التالفة واستبدالها بطبعات جديدة دون التأثير في قيمتها.
وتابع ان اصدار العملة كان السبب الاساس من وراء انشاء البنوك المركزية في كل انحاء العالم موضحا انه في السويد نشأ أول بنك مركزي حكومي في العالم وذلك في العام 1668 بعد ان كان تابعا للملكية الخاصة . ونشأ بنك انكلترا في الثمانينيات من القرن 17 بسبب حاجة انكلترا لتمويل نفقات الحرب ضد فرنسا وقد حصر لديه عملية اصدار النقود دون اي مصرف آخر تابع للقطاع الخاص .
واستطرد بالقول في فرنسا أنشأ نابليون بونابارت في العام 1800 بنك فرنسا المركزي ثم توالى إنشاء البنوك المركزية في الكثير من الدول الاوروبية .اي ان القرن التاسع عشر هو القرن الذي شهد بروز البنوك المركزية الى الساحة الاقتصادية .ولعل السبب وراء هذا هو تعدد البنوك التجارية التي تصدر النقود( ففي المانيا على سبيل المثال كان هناك 33 مصرفا يصدر كل واحد منهم عملته الخاصة) .
وقام العراق في العام 1947 بانشاء أول بنك مركزي في العالم العربي وبإسم ( المصرف الوطني العراقي) .و اصدر في ايلول 1950 أول وجبة من الاوراق النقدية ثم تغير اسمه عام 1956 اي بعد 10 سنوات من تأسيسه إلى البنك المركزي العراقي.


