يوميات حلب96.. حلب الشرقية.. اللوحة السورية قبيل آستانة2 وجنيف4 باهتة!
المعارضة السورية تسلمت الدعوة لحضور مؤتمر جنيف4 من المبعوث الشخصي
الأممي، دي مستورا، مؤتمر جنيف4 الذي سيعقد في الثالث والعشرين من شهر شباط
الجاري، ولكن ستسبقه تحضيرات ومشاورات لثلاثة أيام تبدأ في العشرين من
الشهر ذاته، إلا أن مؤتمر جنيف4 سيسبقه مؤتمر آستانة2 الذي سيكون مقدمةً
لمؤتمر جنيف4، وذلك لتثبيت هدنة وقف إطلاق النار، في هذا الصدد رفض الجناح
السياسي للمعارضة الحضور إلى مؤتمر آستانة2، بحجة أن روسيا لم تلتزم بما
اتفق عليه في آستانة1، وكذلك طالب السياسيون قبل العسكريين في المعارضة،
النظامَ السوري بتقديم دلائل حسن النية كإطلاق سراح المعتقلين وفكّ الحصار
وإيقاف القصف قبل الذهاب إلى آستانة2.
بحسب المراقبين ومصادر المعارضة، فإن الحضور في آستانة2 سيكون باهتاً
وشكلياً من قبل المعارضة، لأن المعطيات على الجغرافيا السورية تتحدث عن عكس
ما تعهدت به روسيا والضامنون الآخرون بصدد اتفاق وقف النار وتثبيت الهدنة،
فالنظام وحلفاؤه على الأرض مازالوا يمارسون القتل والحصار والتجويع وسياسة
الاستئصال من الناحيتين العسكرية والسياسية بحق المدنيين والمعارضين.
المعارضة السورية في الرياض من جانبها أجرت تعديلات على قائمة الوفد الذي
سيذهب إلى مؤتمر جنيف4، حيث أصبح عدد وفد المعارضة 22 عضواً بعد إضافة
ممثلين لمنصتي موسكو والقاهرة من جهة، واستبدال ممثل صقور الشام بممثل جيش
الإسلام من جهة أخرى، لكن قادة منصتي موسكو والقاهرة من جانبهما نفوا
تلقيهم دعوة لحضور مؤتمر جنيف4 أو استشارتهم من قبل منصة الرياض، حسبَ
زعمهم.
الروس من جانبهم يسعون من خلال آستانة2 لتحقيق نتائج تنجز تقدماً ملموساً
على الصعيد الميداني لكي تشعر الأطراف السورية المتحاربة المتفاوضة معاً،
والدول الإقليمية والخارجية الراعية لعملية آستانة بأريحية تسهم في تحقيق
نتائج فعلية مرتقبة في مؤتمر جنيف4.
في هذه الأثناء التي تتشابك فيها المعارضات السورية والمنظمة الأممية على
حيثيات مؤتمري آستانة2 وجنيف4، أعلنت الدائرة الإنسانية في المنظمة الأممية
النفير العام لكارثة وشيكة ستحدث في أربع مناطق سورية هي “الزبداني،
مضايا، كفريا، والفوعة”، حيث يعيش ما يقارب 60 ألفاً في هذه المناطق
المحاصرة تحت سيف الجوع والمرض والموت المحتم إذا لم تتدارك الجهات
المسؤولة مقتضى الحال فيها، ولا يخفى على المراقبين والمتتبعين للشؤون
السورية أن صراعاً طائفياً مقيتاً يجري في هذه المناطق الأربع بين
المجموعات المسلحة الشيعية والمسلحة السنية، حيث جرت الكثير من الاجتماعات
لتلك المجموعات الطائفية من الطرفين في دول الجوار السوري، فقد حصلت
مبادلات ومقايضات بين محاصري الزبداني ومضايا السنيتين، وكفريا والفوعة
الشيعيتين، وجرى ما يشبه التغيير الديموغرافي الذي ينبئ بهولوكوست
إنتربولوجي قلّ نظيره في سوريا الحديثة.
مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ من جانبه نشر تقريره السنوي بصدد الكارثة
الحاصلة في سوريا منذ 2011، حيث جاء في التقرير أن ما يزيد عن 300 ألف مدني
فقدوا حياتهم نتيجة الأعمال القتالية، كذلك فقد شرّدت الأعمال القتالية
والعدائية والظروف المعيشية القاهرة نصف السكان إلى خارج وداخل البلاد،
وأضاف التقرير الدولي الصادر من ميونيخ أن العام المنصرم كان أقسى أعوام
الحرب في سوريا، حيث شنت القوات السورية والروسية حملات وحشية ضد السكان
المدنيين في حلب الشرقية، وأضاف التقرير الدولي أن المجتمع الدولي الذي
يدعي الحرص على الأمن والسلم الدوليين كان مكتفياً بالتفرج على الكارثة
الانسانية الحاصلة في حلب الشرقية دون أن يحرك دافعاً حقوقياً، أو وازعاً
أخلاقيا يردع الوحشية الروسية التي جاءت على البشر والحجر والعمران
الحضاري.
اللوحة السورية قبيل مؤتمري آستانة2 وجنيف4 تبدو في أدنى ألوانها الباهتة
التي تنذر بتداعيات ليست بأقل مما حصل في حلب الشرقية قبيل العام المنصرم،
بسبب غياب روح المسؤولية وحسم الموقف على محك الانتصار للانسانية فقط.