المزيد من الاخبار

فشل الوجود الداعشي

فشل الوجود الداعشي
يبدو ان تقدم القوات الامنية والحشد الشعبي في تحرير المناطق من سيطرة عصابات “داعش” الارهابية, بث الرعب في نفوس العصابات التي هرعت لاتخاذ بعض الاجراءات في الموصل التي ما زالت اسيرة, كقطع خطوط الهاتف وحظر خروج الاشخاص من المدينة الا بكفيل يضمن عودته في ظرف عشرة ايام والا تعرض الكفيل للعقاب.وبحسب تفسير الاهالي, نقلا عن صحيفة “ديلي تلغراف”, فان هذا الاجراء على ما يبدو محاولة لمنع حدوث حالة فرار جماعي من المدينة.اجراءات اخرى فرضتها العصابات الارهابية في الموصل, كاجبار المعلمين على الالتحاق بالمدارس بعد فرض فقرات النظام الجديد, تفصل بين الذكور والاناث وتجبر الاناث على ارتداء الرداء الاسود الفضفاض والنقاب, واقتصار الالعاب الرياضية على الفتيان, واغلاق كليات الفنون الجميلة والعلوم السياسية والقانون باعتبارها منافية للاسلام.التيار الكهربائي المقطوع منذ اشهر, واعمال الصيانة الترقيعية جعلت ماء الاسالة غير صالح للشرب فيقوم السكان باضافة الكلور اليه او غليه او ترشيحه باستخدام القماش, والوقود غير المصفى والمرتفع الثمن لانه يأتي نقلا بالشاحنات من سوريا, والدكاكين التي تبيع المواد الغذائية باسعار غالية لان “داعش” تفرض ضرائب باهظة على الشاحنات التي تدخل مناطقها, كل هذا يشير الى فشل “داعش” في تأمين الخدمات المدنية بعد ان فرضت نفسها كقوة محررة وحاكمة للمناطق التي سيطرت عليها, لذا وجهت قوتها البشرية المحدودة باتجاه فرض السيطرة الاجتماعية, بحسب تحليل صحيفة “نيويورك تايمز”, التي رأت ان العصابات الارهابية بلغت اخر ما تستطيعه في محاولتها لبناء دولتها الخرافية في العراق وسوريا.بيد أن الأمر الذي يفضح واقع التناقض في إدارة “داعش” وحقيقة قدرتها على تولي الحكم هي رواتب العاملين في القطّاع العام, فرغم قسمها بمحو كل أثر للحكومة العراقية تبقى بغداد هي التي تدفع رواتب الأطباء والممرضات والمدرّسين وغيرهم ممن يديمون عمل المؤسسات المدنية.ليس هذا فحسب, بل اخذ الموظفون يعبرون خطوط الجبهة الى كركوك لجلب رواتبهم منذ ان نهبت “داعش” مصارف الموصل.ورغم دأب عناصر العصابات على فرض سيطرتهم واجبارهم الاهالي على الاعتراف بوجودهم كدولة, الا ان الامر لا يعدو كونه سيطرة تواجدية, فمثلا “ذو القرنين” وهو ارهابي مصري الجنسية, يصدر عن مكتبه في مديرية التربية توجيهات بشطب كلمة العراق من المناهج الدراسية الا ان تطبيق الامر فوق امكانيات “داعش”, فبرغم ان المسلحين مرابطون قرب المدارس لفرض الفصل بين الجنسين ولكنهم اقل قدرة على اعادة كتابة المناهج الدراسية او مراقبة ما يجري داخل الفصول, يقول محمد وهو مدرس ثانوي: “شغلهم الشاغل هو الحرب, وكل ما يهمهم هو ان نقول لهم انكم انتم الدولة”.ومع الزام النساء بعدم التحرك دون محرم ومنع قيادتهن للسيارات والزامهن بارتداء زي معين وخمار, وظهور نقاط التفتيش في كل مكان فجأة وبدون سابق انذار والتدقيق بالهويات وتفتيش الهواتف النقالة للرجال بحثا عن الاغاني او اي رسائل متبادلة مع الفتيات وحملة الاعتقالات غير المبررة, تدبر شؤون الحياة وسط هذا الجو صراعا ومحنة يتجرعها الكثير من اهالي الموصل.برغم هذا نرى ان عناصر “داعش” خففوا من ظهورهم العلني في المدينة منذ أن بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها حملتهم الجويّة في شهر آب الماضي التي ركّزت على المناطق القريبة من المدينة, فهم الآن يقودون سيّارات مدنية عادية كما انتقلوا للعيش في المنازل التي أخلاها المسيحيون والشيعة، وفي بعض الأحيان يأخذون معهم زوجاتهم وأطفالهم.ويقضي العشرات من الارهابيين ليلهم داخل كنيسة تاريخية لأنها هدف مستبعد من الولايات المتحدة أن تضربه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى