حالات الانتحار تزداد بين عناصر البيشمركة وآخرون يعملون “عمالاً” بسبب الازمة المالية

وأدت الى حدوث تشقق أُسري وتكسر عاطفي وانهيار انساني ومعنوي لمختلف
المواطنين مع اختلاف أعمارهم وطباعهم وبيئاتهم إلا أنهم اشتركوا في صفة
تأثرهم بالأزمة وأصبحوا وقوداً لاستمرارها ليتدفأ المسؤولون أكثر تحت
حرارتها في شتاء فسادهم القارص.
وانتحر العديد من المواطنين لا سيما المنتسبين في الامن خلال الأيام
الاخيرة الماضية بسبب الأزمة المالية والاقتصادية وتأخر صرف رواتبهم لأكثر
من 60 يوماً، وأصبح الانتحار خبرا اعتاد مواطني الإقليم على سماعه كل يوم
بمختلف المناطق والمدن بكردستان.
وكان مصدر أمني مطلع قد كشف ، يوم امس الخميس، عن ان الضابط في
قوات 70 التابعة لوزارة البيشمركة المدعو (شيردل حميد عبد الله) انتحر
اليوم داخل منزله في قرية حصار التابعة لناحية شوان في كركوك باطلاق النار
على نفسه من سلاح كلاشنكوف، مضيفاً ان الضابط لديه ثلاثة أطفال وكانت
أوضاعه المادية صعبة جداً وهذا ما دفعه الى الانتحار.
كما وقال المتحدث الرسمي باسم شرطة أربيل الرائد هوكر عزيز لـ”الغد برس”،
يوم الثلاثاء الماضي، ان “أحد المواطنين قام باطلاق النار على رأسه بشارع
اسكان الشهير بوسط أربيل”، مشيرا ان “الشخص الذي حاول الانتحار اطلق النار
على رأسه بمسدس نوع تركي”.
وأضاف، انه “لله الحمد لم يمت الشخص وتم نقله الى المشفى بسرعة عاجلة إلا
أنه ما زال في العناية المشددة لحد الآن”، موضحاً ان “الشاب حاول الانتحار
بسبب تأزم وضعه المادي ومعاناته مع البطالة”.
وتقول رئيسة لجنة البيشمركة والشهداء وضحايا الجينوسايد ببرلمان اقليم
كردستان شيلان جعفر علي لـ”الغد برس”، انه “خلال الايام الماضية علمت
اللجنة بوقوع حالتي انتحار احدهما عنصر في الآسايش والآخر في البيشمركة”.
وأوضحت، ان “اللجنة ستعقد اجتماعاً موسعاً يوم الأحد المقبل لغرض مناقشة هذه الظاهرة بين عناصر القوات الأمنية وسبل معالجتها”.
وكان المتحدث الرسمي باسم مديرية شرطة الأقضية والنواحي بمحافظة السليمانية
الرائد الحقوقي اقبال محمد قد أعلن يوم الاحد الماضي، عن انتحار احد عناصر
البيشمركة بإحدى القرى الواقعة بأطراف المدينة.
وقال محمد لـ”الغد برس”، إن “احد عناصر البيشمركة يدعى (ع، ئ، س) يبلغ من
العمر 35 عاماً انتحر داخل غرفته صباح اليوم”، مشيراً إلى أن “عملية
الانتحار وقعت في قرية تدعى دارتو حارس بمنطقة طاسلوجة بأطراف السليمانية”.
إلا أن الناشط المدني هاوكار علي يرى بأن “حكومة الإقليم والمسؤولين في
الحكومة يتحملون نتائج ظاهرة الانتحار بين المواطنين لاسيما القوات الأمنية
لتأخرهم في صرف رواتب الموظفين والبيشمركة”.
وقال علي لـ”الغد برس”، ان “الحكومة لها اطلاع جيد على ما يمر به المواطنين
والبيشمركة من الصعوبات المالية مع تزايد المتطلبات اليومية لهم إلا أنها
تتجاهلها وتبرئ نفسها من ذلك”.
وأشار إلى أنه “اذا استمرت الأزمة الاقتصادية بالإقليم بهذا الشكل فمن
المتوقع ان تزداد المشاكل الاجتماعية لا سيما الانتحار والطلاق في المجتمع
الكردي”.
ودعا الناشط الكردي حكومة الإقليم إلى “الإسراع في دفع رواتب الموظفين
والبيشمركة لتقليل من المشاكل الحالية مع اعفاء الموظفين من رسومات الماء
والكهرباء والضرائب الأخرى لتخفيف العبء الاقتصادي عليهم بدلاً من الرواتب
المدخرة لديها”.
ويبلغ راتب العنصر في البيشمركة 500 ألف دينار عراقي مع ازدياده لأصحاب
الشهادات والرتب العسكرية إلا ان مواقع التواصل الاجتماعي تنشر باستمرار
صوراً لعناصر البيشمركة وهو يعملون كعمّال بعد انتهاء دوامهم لسد الحاجات
اليومية وتأمين لقمة العيش لأبنائهم وعوائلهم إلا أنه مع ذلك ما زالت
مشاكلهم تزداد يوما بعد آخر مع تزايد الأزمة بين أربيل وبغداد وانعكاسها
على الوضع الاقتصادي العام بالإقليم.
وعن دور برلمان الإقليم في متابعة ملف انتحار عناصر من القوات الأمنية
وخصوصا البيشمركة خلال الأيام الماضية، يوضح عضو لجنة الامن والداخلية
بالمجلس سركوت سرحد ان “اللجنة لا تعلم لحد الآن فيما اذا كان الوضع المادي
سبباً في حدوث عمليات الانتحار بين العناصر الأمنية ام لا إلا أننا سجلنا
حدوث أكثر من حالة انتحار خلال الأيام القليلة الماضية”.
وقال سرحد لـ”الغد برس”، ان “العديد من حالات الانتحار وقعت بين المواطنين
بسبب الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على الوضع العام لسكان الإقليم”، مؤكداً
ان “استمرار الأزمة والانتحار مؤشر خطير على أوضاع المواطنين وخصوصاً
القوات الأمنية من الآسايش والبيشمركة”.
وأوضح، ان “تأخر الرواتب مشكلة عامة بدون استثناء والكل يدفع ضريبة الأزمة
الاقتصادية”، داعياً حكومة الإقليم الى “الالتفاف حول ظاهرة الانتحار بين
عناصر البيشمركة والسعي لمعالجتها بأسرع وقت خوفاً من تزايدها”.
وأضاف، انه “أكثر من مرة طالبنا داخل البرلمان بتخصيص جلسة حول هذه
المواضيع الا انه لم نحصل على رد لحد الان”، موضحاً ان “المشاكل الاخيرة
التي واجهت الاقليم بعد احداث 16 تشرين الاول الماضي انعكست سلباً على قوات
البيشمركة”.