القضاء يعرض اعترافات شقيقة ثاني زعيم للقاعدة تكشف خفايا التنظيم

عرض
القضاء اعترافات لشقيقة زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق المدعو أبو
عمر البغدادي، حيث روت تفاصيل نشأت التنظيم وصعوده وصولا الى انهياره.
نجلاء داود محمد “أم احمد” أو أخت الشيخ أو الأمير كما يسميها أفراد داعش
الإرهابي، في الواحد والأربعين من العمر، تنحدر من قضاء حديثة في محافظة
الأنبار، وهي أخت لأربعة أشقاء أحدهم حامد الزاوي “أبو عمر البغدادي” ثاني
زعيم للتنظيمات الإرهابية في العراق بعد الأردني أبو مصعب الزرقاوي الذي
قتل عام 2006، وزوجة “عبد محمد حسن” المعتقل الذي كان يشغل منصب ما يسميه
التنظيم الإرهابي بالناقل العام، وهو أخ جاسم محمد حسن “أبو إبراهيم” وزير
نفط دولة التنظيم، ووالدة مسؤول تجهيز التنظيم في نينوى فضلا عن ولديها
الذين قتلا في معارك تحرير مدينة الموصل.
وتقول “أم محمد”، “كنا ممنوعين من الاختلاط مع الناس ولا يوجد في بيتنا
تلفزيون أو مذياع”، وتضيف “طلب منا ولدي أحمد الذي صار يعرف بأبي عمار أن
نلتحق به إلى قضاء البو كمال حيث يجتمع هناك أبرز قيادات التنظيم وعائلاتهم
بعد تحرير مدينة الموصل، وبالفعل عبر أكثر من وسيط وطريق وصلنا لـ”البو
كمال”.
وتروي قائلة، “أبلغني علي صالح الفهداوي (أبو مصطفى) أنتِ من العائلة التي
ضحت من أجلِ إعلاء وتكوين دولة الإسلام ولا ينبغي أن يثنيك قتل أخيك
البغدادي وصهره المهاجر واعتقال زوجك وأخيه عن الاستمرار بالجهاد في سبيل
دولتنا. وأضاف: سأتركك لتفكري وتتخذي قرارك. وبعد ثلاثة أشهر التقيته
فأخبرته بأنني ماضية في طريق أخي وزوجي وسأقوم بكل ما يمليه عليّ التنظيم”.
قبل أشهر قليلة وبمعلومات من قبل جهاز المخابرات الوطني العراقي نجحت
القوات الأمنية في منطقة أبو غريب غربي العاصمة باعتقال شقيقة زعيم الإرهاب
السابق في العراق ومؤسس ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية” أبو عمر البغدادي،
بعد متابعة لتنقلاتها بين مدن الموصل وبغداد وقضاء القائم غربي الأنبار.
بعد إكمال التحقيقات القضائية معها سمح قاضي المخابرات في المحكمة المركزية
لصحيفة “القضاء” أن تنفرد معها بحوار بدأناه من بداية انضمام أخيها “حامد”
أبو عمر البغدادي إلى التنظيمات الإرهابية”.
نشاط تسعيني
تقول نجلاء “ما أعرفه أن الموضوع بدأ قديما منذ العام 1994 يوم
داهمت قوات أمنية خاصة بيتنا؛ واعتقلت أخي حامد “أبو عمر البغدادي” برغم
أنه كان وقتها ضابطا في الشرطة بإحدى نواحي قضاء حديثة، لم نكن نعرف يومها
سبب الاعتقال الذي دام ستة أشهر”.
“بعد أن أفرج عن أخي -تكمل نجلاء- كان بصحة سيئة وأخبرنا أنه تعرض لتعذيب
قاهر، وبعدها جاء قرار بفصله عن وظيفته الأمنية، عرفت بعد ذلك أن سبب
الاعتقال والفصل مرتبط بتوجه أخي الديني وارتباطه بجماعة دينية لم أكن أعرف
عنها شيئاً.
“تفرغ أخي بعد خروجه من السجن لقراءة الكتب الدينية وكان يقصد العاصمة
بغداد ويعود مع صناديق مملوءة بالكتب التي يعكف أغلب الوقت على قراءتها،
فيما اعتمد بمعيشته على محل صغير في الحي الذي نسكنه لتصليح الأدوات
المنزلية”.
وأضافت “بعد أشهر عدة من خروجه من السجن قام بتشكيل مجموعة في أحد الجوامع
الذي قاموا بتغيير اسمه إلى جامع التوحيد” و صار يلقي أخي الدروس الدينية
والخطب حتى صار إماما للجامع، واستمر به هذا الحال حتى كوّن له مجموعة من
الرجال ممن يهتمون بشؤون الوعظ والإرشاد الديني”.
“استمر بهذه الوتيرة –تكمل أم أحمد- ولا أعرف إذا ما كان لديه ارتباط
بجماعات دينية خارج العراق أو أي جهة أخرى، إلى أن سقط النظام في العام
2003، وكنت أراه سعيدا بسقوط نظام صدام حسين ولكني كنت أجهل يومها موقفه من
دخول القوات الأجنبية إلى العراق”.
بعد عام 2003
“أول الأحداث التي حصلت في العام 2003 عندما أخبرنا “أبو عمر”
بأنه مراقب من الاميركان، وبعدها بشهور قذفت في بيته “قنبلة صوتية” وأخبرني
أن أفراداً من الحزب الإسلامي هم من فعلوها بسبب كرههم لي، وقبل أن ينتهي
العام داهمت قوة من الجيش الأميركي بيته واعتقلته”، كما أفصحت شقيقته.
“بعد 15 يوم أفرج عنه -تكمل أم أحمد- وصار يجمع الناس حوله ويحثهم من جامع
التوحيد على الجهاد والسيطرة على المدينة وكانت أولى العمليات مطلع عام
2004 عندما أشرف “حامد” على عملية إسقاط مراكز الشرطة في قضاء حديثة عبر
هجمات بالصواريخ والأسلحة الخفيفة”.
وأردفت أنه “بعد هذه العملية بدأت ملاحقة “حامد” من قبل الأجهزة الأمنية
العراقية والقوات الأميركية، عرفت بعدها أنه ترك الأنبار وقصد بغداد وكانت
زوجته تأتي لزيارتنا بين فترة وأخرى، و عند سؤالي إياها أخبرتني أنهم
يسكنون منطقة الحسينية لكنها لم تكن تخبرني عن أي شيء آخر وفهمت أنه من كان
يمنعها من الإدلاء بأي معلومات كما كان يرفض أن يزوره أي أحد في بغداد”.
بعد مقتل الزرقاوي
وأكدت أن “زوجته انقطعت عن زيارتنا إلى أن قتل أبو مصعب الزرقاوي
زعيم التنظيم الإرهابي آنذاك، وبعدها بدأت الأحداث تتغير بشكل كبير، بدأ
الأمر عندما ترك شقيق زوجي “جاسم محمد حسن” المكنى بأبي إبراهيم والذي شغل
منصب وزير النفط لاحقا في دولة داعش ترك عمله في الحرس الوطني، وصار يجمع
في بيته المقاتلين الأجانب وهذا ما رأيته بنفسي بعدها عرفت أن هذا كان بأمر
من أخي أبو عمر البغدادي”.
وتسترسل أم أحمد “حتى هذا الوقت لم أكن أعرف أن أخي هو زعيم التنظيم، كل ما
كنت أعرفه أنه ضمن التنظيم وصار الكثير من رجال العائلة في التنظيم وهذا
ما كان يسبب لنا المشكلات ليس مع القوات الأمريكية والعراقية فحسب، بل مع
بعض وجهاء ورجال عشيرة الجغايفة التي كانت مناوئة لتحركات التنظيمات
الجهادية”.
زوجي في التنظيم
“بسبب المضايقات -تضيف نجلاء- ترك “أبو إبراهيم” قضاء حديثة ولم
يخبر أحداً بوجهته اذ عرفت في ما بعد أنه في هيت، إلا أن ذلك لم يوقف
المشكلات، فبعد ذهابه، اعتقل زوجي عبد محمد حسن وأودع في سجن بوكا برغم أنه
في ذلك الوقت لم يكن ضمن التنظيم، حتى صار زوجي في ما بعد ما يسميه
التنظيم بالناقل العام، مما اضطرنا أن نترك نحن كذلك قضاء حديثة وذهبنا الى
الموصل حيث بيت أخي علي”.
وقالت “بعد سبعة أشهر أفرج عن زوجي عبد محمد حسن، وما أن وصل للبيت قامت
مجموعة من عشيرة الجغايفة باعتقاله بسبب تعرضهم لهجمات قام بها “ابو عمر
البغدادي” و جاسم محمد حسن”.
وأضافت أن “زوجي تعرض للضرب والتعذيب بغية معرفة أماكن تواجد الاثنين إلا
أنه أكد لهم أنه يجهل أماكنهم، وبسبب شعوره أنه مهدد ترك قضاء حديثة والتجأ
إلى الموصل لنجتمع جميعنا هناك إلا أبو إبراهيم شقيقه كان مجهول السكن في
الموصل”.
“في العام 2009 أنضم زوجي فعليا للتنظيم -تقول “أم أحمد”- وكان دوره نقل
البريد الخاص بالتنظيم في محافظات الشمال والغرب من والى بغداد ويتضمن
البريد خطب الجمعة والجماعة والتعليمات فضلا عما يرتبط بالجانب الإداري
والمالي، وكان في بعض الأحيان يصطحبني معه من أجل التمويه وتخبئة البريد في
ملابسي”.
أبو عمر البغدادي
“بهذا العام عرفت عن طريق زوجي -تكمل “نجلاء”- أن أخي “حامد” هو
زعيم التنظيم وصار يعرف بأبي عمر البغدادي، وبرغم أن هذه المعلومة كانت
رائجة إلا أننا كنا ممنوعين من الاختلاط مع الناس ولا يوجد في بيتنا
تلفزيون أو مذياع.
واسترسلت شقيقة أبو عمر البغدادي “بعد اجتماعنا في بيت كبير في الموصل أضاف
شقيق زوجي بناء إضافيا إلى البيت وكنا نجهل لماذا يفعل هذا، وبعد اكتمال
البناء فوجئنا بسيدة جاءت برفقة أبو إبراهيم طلب منا أن تسكن معنا في
الطابق الإضافي وكانت يمنية الجنسية عرفنا أنها زوجة “أبو أيوب المصري ”
وزير الحرب في التنظيم”.
“كانت زوجة المصري منعزلة عنا، وكانت تقضي أغلب الوقت بقراءة القران
والعبادة، ولم تكن على منوالنا في قضاء الوقت فقد أخذت بتعليم صغار البيت
التعاليم الدينية الخاصة بالتنظيم، بل كنا عندما نزورها في غرفتها تطلب منا
أن ننشغل بالتعليم الديني”.
البحث عن الخليفة
“في العام نفسه داهمت القوات الأميركية بيتنا في الموصل واعتقلت
جميع الرجال الذين يشكلون شبكة بمن فيهم أبو إبراهيم”، -تضيف “أم أحمد”
وتواصل “قاموا بالتحقيق معنا وكانت أسئلتهم تدور حول مكان أبو عمر، وبسبب
المداهمة والاعتقال اضطربت زوجة المصري وطلبت منا أن تترك البيت، و بالفعل
استأجرنا لها سيارة أجرة لإيصالها الى بغداد و لم نكن نعرف لمن تريد أن
تقصد في بغداد”.
أكملت نجلاء “بعد اعتقال جميع رجالنا أفرج فقط عن ولدي أحمد والباقون تم
تسليمهم إلى الجهات الأمنية، جاءنا شخص في التنظيم يدعى “أبو حسن” و طلب
منا أن نترك البيت خشية أن نعتقل نحن كذلك وقام بنقلنا إلى بيت في حي آخر
من الموصل وطلب منا أن لا نخبر أي أحد بمكانه ولا نختلط بأحد و صار ينقلنا
من بيت لآخر في كل عشرة أيام تقريبا”.
“في هذا الوقت صرنا نعرف عن طريق أبي حسن أن كثيرين ممن كانوا يرتبطون
بالتنظيم تم اعتقالهم في بغداد ومحافظات أخرى، حتى وصلنا العام 2010 فطلب
مني “أبو حسن” أن أختلي به ليخبرني أن أخي أبو عمر البغدادي قد تم قتله مع
أبو أيوب المصري وتم اعتقال النساء اللاتي كن في البيت الذي قتلا فيه وهما
زوجة المصري وزوجة أبو عمر وبناتهما في منطقة الثرثار”.
السيطرة على الموصل
بعدها تكمل أم أحمد زارني صالح الفهداوي “أبو مصطفى” وهو من
قيادات التنظيم وقال لي: أنتِ من العائلة التي ضحت من أجلِ إعلاء وتكوين
دولة الإسلام ولا ينبغي أن يثنيك قتل أخيك البغدادي وصهره المهاجر واعتقال
زوجك وأخيه عن الاستمرار بالجهاد في سبيل دولتنا، قال لي هذا وأضاف: سأتركك
لتفكري وتتخذي قرارك؛ وبعد ثلاثة أشهر التقيته فأخبرته بأنني ماضية في
طريق أخي وزوجي و سأقوم بكل ما يمليه عليّ التنظيم”.
وتقول نجلاء “في هذا الوقت كان زوجي في السجن وقام بعمل وكالة عن طريق
الصليب الأحمر لأتقاضى نصف مرتبه كونه موظفا في البلدية فضلا عن حصولي على
مرتب من دائرة الرعاية الاجتماعية قيمته 700 ألف دينار وكفالة من التنظيم
وكذلك إيجار البيت الذي صرنا نسكنه بحي صدام في الموصل”.
“بقينا على هذا الحال إلى أن سيطر تنظيم داعش على مدينة الموصل -تسترسل
نجلاء- فبادر الكثير من الشباب للانضمام للتنظيم ومنهم أبنائي أحمد ومقداد
ووضاح، أما عني فقد طلب مني “محمد أحمد العساف” المكنى بأبي هاجر، وهو من
كان على طول المدة الماضية يوصل لنا الكفالة المالية وإيجار البيت أن أعمل
على حث نساء المدينة على مبايعة الخليفة أبو بكر البغدادي ودفعهن لتحريض
أبنائهن على القتال في صفوف التنظيم”.



