مقالات
المعادلة السياسية الجديدة: الكل رابح
د.مصطفى الأمين
المراقب لتطور المشهد السياسي العراقي بعد انتخابات 2014 يجد وبكل وضوح
بأنه تغلب عليه معادلة سياسية جديدة مختلفة عن تلك التي سادت في المدة
السابقة، فبعد سيطرة معادلة (خاسر..خاسر) على أطراف العملية السياسية
الرئيسة الثلاثة من دون أن يوجد من هو رابح فيها، استجد تفاعل جديد قوامه
(الكل يربح) ولعل ضاغط العامل الإرهابي جعل الجميع يدرك ضرورة مواجهته
مجتمعين غير متفرقين كون الإرهاب /”داعش” بات يهدد حاضرنا ومستقبلنا جميعا
دون استثناء إلا للذين تعاونوا مع “داعش” أو راهنوا عليه. والعامل الثاني
يتجسد ببلورة ادراك جديد لقادة العملية السياسية بضرورة مغادرة الفهم
السياسي السابق القائم على أساس المعادلة الصفرية لمجموع صافي الربح
والخسارة، بمعنى ما يتحقق لطرف ما من ربح يعني للطرف الآخر خسارة مطلقة له.
ولعل العامل الثالث يكمن بتأسيس قناعة (ولو متأخرة) مفادها ان الهم
العراقي هو من السعة والثقل بحيث يتجاوز قدرة أي لاعب سياسي منفرد على
حمله، ما يضطر السياسيين تاليا إلى تحمله جميعا، وهي عملية تجعل الجميع دون
استثناء يتصدى للمسؤولية ويصبح مشاركا فعليا في تحمل مسؤولية النجاح
والفشل، لا كما كان يحدث سابقا حيث التهرب من الفشل والقاء اللائمة
والتبرير على عاتق السلطة التنفيذية التي تركت عن قصد في مواجهة الأزمات
الكبرى للبلاد حيث لا ناصر ولا معين.
إن تكامل الأدوار بين القوى السياسية وبالشكل الذي يجعل أحداها يتمم ويكمل
الآخرى هو الشرط اللازم لكل مسعى جدي للنجاح، فمثل هكذا ستراتيجية تؤدي إلى
فعل تراكمي يؤتي أكله ولو بعد حين، وهي في أسوأ الأحوال تعمل على الحد من
حالة التداعي المزمن الذي ساد طيلة مدة ما قبل 2014 إن لم تعمد إلى تأسيس
تفاهمات بينية تصلح أن تكون قاعدة أساسية للشروع بترميم البيئتين
العراقيتين الداخلية والخارجية ولو الحد الأدنى منها. وهو أسلوب عمل يرتضيه
ويدعمه المنطق العقلي وكذلك الواقع السياسي العراقي المبني وفقا للنظام
البرلماني الذي يشترط لا بل يستلزم ضرورة التعاون والتنسيق وعدم التقاطع
بتاتا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لسبب جوهري يكمن في أن ولادة
الأولى (التنفيذية ) تتم من خلال الثانية (التشريعية).
ومن غير المعقول ان يتم التنكر للمولود، فالتقاطع بينهما ومحاولة اضعاف
أحداهما للأخرى لايعني فقط شيوع حالة الشلل الوظيفي في أهم مؤسسات الدولة
التشريعية والتنفيذية، وإنما يعني توقف عجلة الإنتاج والإجهاز على ما تبقى
من أمل رفيع في الانجاز يمكّن المواطن – مصدر السلطة الأول- من تصويب سهام
الانتقادات الحادة والمؤلمة لكل من يمسك بهما، بمعنى آخر يضحى المواطن
ضحية وصيدا سهلا لمخالب التجاذبات السياسية بينهما، بدل الارتقاء به
وإعانته وتيسير حياته، وهو الشعار والعنوان الأبرز لكل برامج القوى
السياسية أبان الحملات الانتخابية، الأمر الذي ينسف أسس العملية
الديمقراطية لا بل ويجعل المواطن يحن ويئن لأيام العهد الدكتاتوري وهنا
الخسارة التي ما بعدها خسارة حين يقع المواطن في شراك وأفخاخ المقارنة
المؤلمة عكس معادلة (رابح…رابح) التي يتم العمل بها حاليا والتي تكون
أولى مخرجاتها – في حال استمرارها ولو في حدها الأدنى – هي اعادة ثقة
المواطن العراقي ليس بالديمقراطية كمنهاج وطريقة للحياة السياسية تمثل
النقيض النوعي لما كان سائدا قبل 2003 ، وإنما وهو الأهم اعادة ايمان
المواطن بأن آليات اشتغال النظام السياسي العراقي هي من أجل المواطن نفسه
لاسيما أذا ما تم تدعيم نظرية (رابح…رابح) بأهم شروط انجازها على المستوى
العملي وهو: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدا عن سياسة المحاصصة
السيئة الصيت، والحريصة على الاستعانة بالنفوس المريضة والفاسدة والمفسدة
لا من أجل شيء سوى إدامة مشاريع السلطة الجزئية والمبعثرة وغير المنهجية
والتي كادت أن تودي بمشروع الدولة العراقية الواعدة.
إن العمل بروحية الفريق المنسجم لا يؤدي إلى تسريع وتيرة الانجاز فحسب
وإنما يجعل كلف الخسارة أقل وتزيد من سعة قاعدة الاستقرار السياسي، بمعنى
انه كلما اتسعت دائرة التفاهمات البينية أكثر فأكثر بين الفرقاء السياسيين
كلما كان ذلك أدعى للاستقرار السياسي المتأتي أصلا من ضرورة الاتفاق على
ثوابت وطنية عليا لاتخضع للتغيير والاجتهاد الشخصي الضيق. وعند ذلك يصبح
بالإمكان تأسيس مشترك جماعي يحظى بالموافقة والمقبولية من الجميع، وتتبلور
وتتشكل ابرز معالم المصلحة الوطنية العراقية التي لم يتم تعريفها ولا حتى
الوصول إلى الحد الأدنى من الاتفاق السياسي بشأنها، سابقا، الأمر الذي
جعل الاختلاف والخلاف السياسي يصل إلى أكبر مستوى، بحيث ما كان لدى (أ)
ابيض كان لدى (ب) أسود، ولربما اختلفوا حول الليل والنهار.
ما نريد قوله والتأكيد عليه هو الإجماع السياسي حول مفاهيم معينة مثل الحرب
على الإرهاب ومحاربة ومعاقبة المفسدين وتجريم حزب البعث وإبعاد المتزلفين
واعتماد الخبراء وذوي الاختصاص في تصريف أمور الناس..وغيرها، وكلها تصلح
لأن تكون مقدمات صحيحة لا يسمح بالاختلاف عليها أو فيها بأي حال من الأحوال
وليس لأنها مرغوب فيها لذاتها فحسب، وإنما لأن كل ما عداها يؤدي إلى نتائج
كارثية على صعيد بناء الوطن والمواطن وكما يقول أهل المنطق: المقدمات
الصحيحة تؤدي إلى نتائج صحيحة. إن معادلة (رابح … رابح) إذا ما قيض لها
الاستمرار والنجاح فان أهم انجازاتها على المستوى العملي ينعكس اليوم في
مشاركة أبناء محافظة صلاح الدين في تحريرها في تلاحم وطني قل نظيره مما
يعمل على إنهاء مصطلحات وكلمات من القاموس السياسي والإعلامي العراقي والتي
انتشرت في مدة معينة، مثل التهميش والإقصاء وغيرها من الزعيق اللامسؤول.
ان امتزاج الدم العراقي بعضه مع البعض الآخر، أفرغ الكثير من السياسيين من
حججهم في المراهنة على الاستثمار في الشحن الطائفي سبيلا لبقائهم في السلطة
، كما أنه أسقط الكثير من الشعارات كتلك التي رفعت أبان منصات ومنابر
الفتنة في محافظة الانبار من غير أهلها، لأن أهل الانبار الحقيقيين اليوم
يقاتلون عصابات التكفير والارهاب إلى جانب أبناء العشائر الغيورة والقوات
المسلحة وأبطال الحشد الشعبي الذين مثلوا تطبيقا عمليا وواقعيا وحدة الشعب
والمصير في تحد واضح مفاده (إما أن نخسر جميعا أو نربح جميعا)، فالفرصة لا
تزال مؤاتية لكي نختار ونقرر ما سيكون عليه مستقبلنا، فالغد مرهون
بخياراتنا.
المراقب لتطور المشهد السياسي العراقي بعد انتخابات 2014 يجد وبكل وضوح
بأنه تغلب عليه معادلة سياسية جديدة مختلفة عن تلك التي سادت في المدة
السابقة، فبعد سيطرة معادلة (خاسر..خاسر) على أطراف العملية السياسية
الرئيسة الثلاثة من دون أن يوجد من هو رابح فيها، استجد تفاعل جديد قوامه
(الكل يربح) ولعل ضاغط العامل الإرهابي جعل الجميع يدرك ضرورة مواجهته
مجتمعين غير متفرقين كون الإرهاب /”داعش” بات يهدد حاضرنا ومستقبلنا جميعا
دون استثناء إلا للذين تعاونوا مع “داعش” أو راهنوا عليه. والعامل الثاني
يتجسد ببلورة ادراك جديد لقادة العملية السياسية بضرورة مغادرة الفهم
السياسي السابق القائم على أساس المعادلة الصفرية لمجموع صافي الربح
والخسارة، بمعنى ما يتحقق لطرف ما من ربح يعني للطرف الآخر خسارة مطلقة له.
ولعل العامل الثالث يكمن بتأسيس قناعة (ولو متأخرة) مفادها ان الهم
العراقي هو من السعة والثقل بحيث يتجاوز قدرة أي لاعب سياسي منفرد على
حمله، ما يضطر السياسيين تاليا إلى تحمله جميعا، وهي عملية تجعل الجميع دون
استثناء يتصدى للمسؤولية ويصبح مشاركا فعليا في تحمل مسؤولية النجاح
والفشل، لا كما كان يحدث سابقا حيث التهرب من الفشل والقاء اللائمة
والتبرير على عاتق السلطة التنفيذية التي تركت عن قصد في مواجهة الأزمات
الكبرى للبلاد حيث لا ناصر ولا معين.
إن تكامل الأدوار بين القوى السياسية وبالشكل الذي يجعل أحداها يتمم ويكمل
الآخرى هو الشرط اللازم لكل مسعى جدي للنجاح، فمثل هكذا ستراتيجية تؤدي إلى
فعل تراكمي يؤتي أكله ولو بعد حين، وهي في أسوأ الأحوال تعمل على الحد من
حالة التداعي المزمن الذي ساد طيلة مدة ما قبل 2014 إن لم تعمد إلى تأسيس
تفاهمات بينية تصلح أن تكون قاعدة أساسية للشروع بترميم البيئتين
العراقيتين الداخلية والخارجية ولو الحد الأدنى منها. وهو أسلوب عمل يرتضيه
ويدعمه المنطق العقلي وكذلك الواقع السياسي العراقي المبني وفقا للنظام
البرلماني الذي يشترط لا بل يستلزم ضرورة التعاون والتنسيق وعدم التقاطع
بتاتا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لسبب جوهري يكمن في أن ولادة
الأولى (التنفيذية ) تتم من خلال الثانية (التشريعية).
ومن غير المعقول ان يتم التنكر للمولود، فالتقاطع بينهما ومحاولة اضعاف
أحداهما للأخرى لايعني فقط شيوع حالة الشلل الوظيفي في أهم مؤسسات الدولة
التشريعية والتنفيذية، وإنما يعني توقف عجلة الإنتاج والإجهاز على ما تبقى
من أمل رفيع في الانجاز يمكّن المواطن – مصدر السلطة الأول- من تصويب سهام
الانتقادات الحادة والمؤلمة لكل من يمسك بهما، بمعنى آخر يضحى المواطن
ضحية وصيدا سهلا لمخالب التجاذبات السياسية بينهما، بدل الارتقاء به
وإعانته وتيسير حياته، وهو الشعار والعنوان الأبرز لكل برامج القوى
السياسية أبان الحملات الانتخابية، الأمر الذي ينسف أسس العملية
الديمقراطية لا بل ويجعل المواطن يحن ويئن لأيام العهد الدكتاتوري وهنا
الخسارة التي ما بعدها خسارة حين يقع المواطن في شراك وأفخاخ المقارنة
المؤلمة عكس معادلة (رابح…رابح) التي يتم العمل بها حاليا والتي تكون
أولى مخرجاتها – في حال استمرارها ولو في حدها الأدنى – هي اعادة ثقة
المواطن العراقي ليس بالديمقراطية كمنهاج وطريقة للحياة السياسية تمثل
النقيض النوعي لما كان سائدا قبل 2003 ، وإنما وهو الأهم اعادة ايمان
المواطن بأن آليات اشتغال النظام السياسي العراقي هي من أجل المواطن نفسه
لاسيما أذا ما تم تدعيم نظرية (رابح…رابح) بأهم شروط انجازها على المستوى
العملي وهو: وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدا عن سياسة المحاصصة
السيئة الصيت، والحريصة على الاستعانة بالنفوس المريضة والفاسدة والمفسدة
لا من أجل شيء سوى إدامة مشاريع السلطة الجزئية والمبعثرة وغير المنهجية
والتي كادت أن تودي بمشروع الدولة العراقية الواعدة.
إن العمل بروحية الفريق المنسجم لا يؤدي إلى تسريع وتيرة الانجاز فحسب
وإنما يجعل كلف الخسارة أقل وتزيد من سعة قاعدة الاستقرار السياسي، بمعنى
انه كلما اتسعت دائرة التفاهمات البينية أكثر فأكثر بين الفرقاء السياسيين
كلما كان ذلك أدعى للاستقرار السياسي المتأتي أصلا من ضرورة الاتفاق على
ثوابت وطنية عليا لاتخضع للتغيير والاجتهاد الشخصي الضيق. وعند ذلك يصبح
بالإمكان تأسيس مشترك جماعي يحظى بالموافقة والمقبولية من الجميع، وتتبلور
وتتشكل ابرز معالم المصلحة الوطنية العراقية التي لم يتم تعريفها ولا حتى
الوصول إلى الحد الأدنى من الاتفاق السياسي بشأنها، سابقا، الأمر الذي
جعل الاختلاف والخلاف السياسي يصل إلى أكبر مستوى، بحيث ما كان لدى (أ)
ابيض كان لدى (ب) أسود، ولربما اختلفوا حول الليل والنهار.
ما نريد قوله والتأكيد عليه هو الإجماع السياسي حول مفاهيم معينة مثل الحرب
على الإرهاب ومحاربة ومعاقبة المفسدين وتجريم حزب البعث وإبعاد المتزلفين
واعتماد الخبراء وذوي الاختصاص في تصريف أمور الناس..وغيرها، وكلها تصلح
لأن تكون مقدمات صحيحة لا يسمح بالاختلاف عليها أو فيها بأي حال من الأحوال
وليس لأنها مرغوب فيها لذاتها فحسب، وإنما لأن كل ما عداها يؤدي إلى نتائج
كارثية على صعيد بناء الوطن والمواطن وكما يقول أهل المنطق: المقدمات
الصحيحة تؤدي إلى نتائج صحيحة. إن معادلة (رابح … رابح) إذا ما قيض لها
الاستمرار والنجاح فان أهم انجازاتها على المستوى العملي ينعكس اليوم في
مشاركة أبناء محافظة صلاح الدين في تحريرها في تلاحم وطني قل نظيره مما
يعمل على إنهاء مصطلحات وكلمات من القاموس السياسي والإعلامي العراقي والتي
انتشرت في مدة معينة، مثل التهميش والإقصاء وغيرها من الزعيق اللامسؤول.
ان امتزاج الدم العراقي بعضه مع البعض الآخر، أفرغ الكثير من السياسيين من
حججهم في المراهنة على الاستثمار في الشحن الطائفي سبيلا لبقائهم في السلطة
، كما أنه أسقط الكثير من الشعارات كتلك التي رفعت أبان منصات ومنابر
الفتنة في محافظة الانبار من غير أهلها، لأن أهل الانبار الحقيقيين اليوم
يقاتلون عصابات التكفير والارهاب إلى جانب أبناء العشائر الغيورة والقوات
المسلحة وأبطال الحشد الشعبي الذين مثلوا تطبيقا عمليا وواقعيا وحدة الشعب
والمصير في تحد واضح مفاده (إما أن نخسر جميعا أو نربح جميعا)، فالفرصة لا
تزال مؤاتية لكي نختار ونقرر ما سيكون عليه مستقبلنا، فالغد مرهون
بخياراتنا.