مقالات

المملكة غير المتحدة

بقلم: محمد عبد الجبار الشبوط
 كان المراقبون يتخوفون ان تسفر
الانتخابات البريطانية عن انهيار نظام الحزبين الكبيرين وقيام نظام الأحزاب
الكثيرة الصغيرة وذلك بناء على استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد هذا
الاحتمال. لكن النتيجة كانت مخالفة لكل التوقعات وفاز حزب المحافظين
بأغلبية واضحة فيما تراجع حزب العمال الى نحو ١٠٠ مقعد اقل من المحافظين.
ولم يحصل الديمقراطيون الليبراليون على نتيجة تذكر حالهم حال الأحزاب
الصغيرة الاخرى.
الحقيقة المفاجئة وراء هذه الارقام هي غياب الأحزاب العابرة التي (اي
الأحزاب العابرة) كانت احدى مميزات الديمقراطية البريطانية. فالخارطة
السياسية البريطانية لما بعد الانتخابات تشكلت على اساس الانتماء العرقي او
قل الجغرافي في احسن الحالات وليس على الاساس البريطاني الشامل. ففي
سكوتلاندا أضحى هناك حزب محلي هو الحزب السائد الذي اصبح حزب
السكوتلانديين. اما الحزبان الكبيران اي حزب المحافظين وحزب العمال فقد
أصبحا حزبين محليين ايضا فهما حزبا الإنكليز. ليس بين هذه الأحزاب من يمكن
ان يوصف بانه حزب بريطاني. في هذه النقطة أصبحت الأحزاب السياسية في
بريطانيا مثل الأحزاب العراقية حيث لا يوجد حزب سياسي عابر. انما هي احزاب
كردية او عربية او تركمانية او شيعية او سنية الخ. ومن الخبرة العراقية
وقبلها اللبنانية والبلجيكية فان غياب الأحزاب العابرة يمكن ان يكون وصفة
للانقسام والتشظي. وهذا يعني ان وحدة بريطانيا أصبحت على المحك. ويرى
المتشائمون من المحللين ان هذه الانتخابات قد تكون اخر انتخابات لمملكة
متحدة وان كاميرون قد يكون اخر رئيس وزراء لها. وربما كان على الإنكليز
والسكوتلانديين والأيرلنديين والويلزيين ان يجدوا طريقة جديدة ومحدثة
لكيفية البقاء في مملكة متحدة لم تعد خارطتها السياسية تدعم او تمثل هذه
الوحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى