مقالات
الإمام الكاظم ومفهوم الإصلاح
بقلم: حسن الكعبي
رغم ان حياة الإمام الكاظم –
كما تؤشرها كتب السير والتواريخ – كانت تؤكد مسيرته الاصلاحية المسالمة إلا
انها كانت تؤرق طغاة عصره, وذلك لأن الطغاة في كل عصر تنتابهم خشية كبيرة
من الدعوات الاصلاحية لاشتمالها على نسق تحريضي, فدعوات الاصلاح تنتمي الى
الاطار العام لمفاهيم العدالة الاجتماعية وما يترشح عنها من دعوات للمساواة
وانتفاء التمايزات الطبقية والحريات الفكرية وهي دعوات تتقاطع مع الاطار
العام للسلطات الشمولية والاستحواذية التي تنظر الى السلطة بوصفها إحكام
السيطرة على الناس وعلى ثرواتهم بل وعلى حياتهم، مما يعني انتفاء مفهوم
العدالة التي تشكل المثابة والدعامة الاساسية لدعوات الاصلاح.
إن العصر العباسي – وهو مرحلة من مراحل التأسيس للديكتاتورية والانظمة
الشمولية الاستحواذية في التاريخ الاسلامي – شهد هذا النوع من الدعوات
الاصلاحية التي واجهت الطغاة من محبي السلطة والثروات, لذلك فقد حفل هذا
العصر بأحداث محتدمة تؤشر طبيعة الظلم والتعذيب والتنكيل الذي مورس بحق
دعاة الاصلاح من قبل الحكام العباسيين منذ قيام الدولة التي نكلت بالعلويين
مرورا بالفترة الاصعب التي جمعت الإمام الكاظم (ع) بهارون الرشيد في سياق
تاريخي أشر اكثر حالات الظلم والتعذيب والاقصاء لدعاة الاصلاح والفكر
الاصلاحي في تلك الفترة, حيث زج الإمام الكاظم في السجن الى فترة تزيد على
(25) عاما حافلة بأنواع من التعذيب الجسدي والنفسي الى ان تم قتله داخل
السجن, اضافة الى الملاحقات والتصفيات المستمرة لمريديه مرورا بفترة
المأمون العباسي ولقائه بالإمام الرضا وقتله بطريقة بشعة وانتهاءً بفترة
المعتصم الذي تابع مسيرة ابيه واخيه في تصفيه دعاة الاصلاح لذلك فقد عمد
الى دس السم للامام الجواد (ع).
تتوقف كتب التاريخ في تأشيرها للاسباب التي دفعت بهارون الرشيد لقتل الإمام
الكاظم عند اسباب مطالبة الإمام بحقوقه وحقوق آبائه الخلافية المغتصبة من
قبل العباسيين وتبعا من قبل هارون الرشيد, دون محاولة لتفسير دوافع
المطالبة هذه من خلال ربطها بالاسس الاصلاحية التي قامت عليها هذه
المطالبات سواء عند الإمام الكاظم او عند آبائه او اجداده والتي تمثلها
مقولة الإمام علي (ع ): “إن خلافتكم هذه لا تساوي شسع نعلي إلا أن أقيم
حقاً أو أدفع باطلاً”، ومقولة الإمام الحسين (ع): “لم اخرج اشرا ولا بطرا
ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي”، وهما مقولتان
تكشفان بوضوح عن الدوافع الاصلاحية عند ائمة اهل البيت (ع) وهما تمثلان
الاطار والستراتيجية المتبعة في منهجهم السياسي, ولذلك فان هذه الدوافع
تمثل تحديا للسلطات الشمولية, باعتبار ان هذه الدوافع تتناغم مع مطالب
الفقراء المهدورة حقوقهم وتمثل مطلبا اساسيا عند العامة من الشعوب المقهورة
في العالم برمته, وانطلاقا من ادراك الطغاة لخاصية تعاطف الجماهير مع
دعوات الاصلاح التي تؤطرها مفاهيم العدالة الاجتماعية فإنهم يلجؤون الى
اساليب القتل والتصفية لأصحابها ظنا منهم ان المَطالب تنتهي بموت المُطالب
او الداعية دون ادراك لهذه المَطالب بوصفها اسسا كامنة داخل جميع الشعوب
المحكومة بأنظمة شمولية, وكمونها يضمن استمراريتها ويضمن الامل بثورات
عادلة تسعى لتحقيق المطالب العادلة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
في اطار ذلك يتوجب قراءة مطالب الإمام الكاظم بأحقية الخلافة في هذا
السياق، اي سياق المطالبة بالاصلاحات السياسية والدينية بوصفها المطالب
الاساسية التي قامت عليها دعوات آبائه واجداده من آل البيت (ع ) كستراتيجية
طبعت مسيرتهم الاصلاحية وخلدتها في الضمير الانساني وضمنت لهم التعاطف
الجماهيري في فتراتهم التاريخية وما تلاها من فترات، وهذا ما يفسر المسيرات
الايحائية الكبرى التي تنطلق مع كل ذكرى لاستشهاد احد هؤلاء المصلحين
الكبار على النحو الذي شهدناه في الايام القليلة الماضية من خلال الزيارة
الكبرى في ذكرى استشهاد الإمام المظلوم وداعية الاصلاح راهب آل محمد (ص)
الإمام الكاظم (ع).
رغم ان حياة الإمام الكاظم –
كما تؤشرها كتب السير والتواريخ – كانت تؤكد مسيرته الاصلاحية المسالمة إلا
انها كانت تؤرق طغاة عصره, وذلك لأن الطغاة في كل عصر تنتابهم خشية كبيرة
من الدعوات الاصلاحية لاشتمالها على نسق تحريضي, فدعوات الاصلاح تنتمي الى
الاطار العام لمفاهيم العدالة الاجتماعية وما يترشح عنها من دعوات للمساواة
وانتفاء التمايزات الطبقية والحريات الفكرية وهي دعوات تتقاطع مع الاطار
العام للسلطات الشمولية والاستحواذية التي تنظر الى السلطة بوصفها إحكام
السيطرة على الناس وعلى ثرواتهم بل وعلى حياتهم، مما يعني انتفاء مفهوم
العدالة التي تشكل المثابة والدعامة الاساسية لدعوات الاصلاح.
إن العصر العباسي – وهو مرحلة من مراحل التأسيس للديكتاتورية والانظمة
الشمولية الاستحواذية في التاريخ الاسلامي – شهد هذا النوع من الدعوات
الاصلاحية التي واجهت الطغاة من محبي السلطة والثروات, لذلك فقد حفل هذا
العصر بأحداث محتدمة تؤشر طبيعة الظلم والتعذيب والتنكيل الذي مورس بحق
دعاة الاصلاح من قبل الحكام العباسيين منذ قيام الدولة التي نكلت بالعلويين
مرورا بالفترة الاصعب التي جمعت الإمام الكاظم (ع) بهارون الرشيد في سياق
تاريخي أشر اكثر حالات الظلم والتعذيب والاقصاء لدعاة الاصلاح والفكر
الاصلاحي في تلك الفترة, حيث زج الإمام الكاظم في السجن الى فترة تزيد على
(25) عاما حافلة بأنواع من التعذيب الجسدي والنفسي الى ان تم قتله داخل
السجن, اضافة الى الملاحقات والتصفيات المستمرة لمريديه مرورا بفترة
المأمون العباسي ولقائه بالإمام الرضا وقتله بطريقة بشعة وانتهاءً بفترة
المعتصم الذي تابع مسيرة ابيه واخيه في تصفيه دعاة الاصلاح لذلك فقد عمد
الى دس السم للامام الجواد (ع).
تتوقف كتب التاريخ في تأشيرها للاسباب التي دفعت بهارون الرشيد لقتل الإمام
الكاظم عند اسباب مطالبة الإمام بحقوقه وحقوق آبائه الخلافية المغتصبة من
قبل العباسيين وتبعا من قبل هارون الرشيد, دون محاولة لتفسير دوافع
المطالبة هذه من خلال ربطها بالاسس الاصلاحية التي قامت عليها هذه
المطالبات سواء عند الإمام الكاظم او عند آبائه او اجداده والتي تمثلها
مقولة الإمام علي (ع ): “إن خلافتكم هذه لا تساوي شسع نعلي إلا أن أقيم
حقاً أو أدفع باطلاً”، ومقولة الإمام الحسين (ع): “لم اخرج اشرا ولا بطرا
ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي”، وهما مقولتان
تكشفان بوضوح عن الدوافع الاصلاحية عند ائمة اهل البيت (ع) وهما تمثلان
الاطار والستراتيجية المتبعة في منهجهم السياسي, ولذلك فان هذه الدوافع
تمثل تحديا للسلطات الشمولية, باعتبار ان هذه الدوافع تتناغم مع مطالب
الفقراء المهدورة حقوقهم وتمثل مطلبا اساسيا عند العامة من الشعوب المقهورة
في العالم برمته, وانطلاقا من ادراك الطغاة لخاصية تعاطف الجماهير مع
دعوات الاصلاح التي تؤطرها مفاهيم العدالة الاجتماعية فإنهم يلجؤون الى
اساليب القتل والتصفية لأصحابها ظنا منهم ان المَطالب تنتهي بموت المُطالب
او الداعية دون ادراك لهذه المَطالب بوصفها اسسا كامنة داخل جميع الشعوب
المحكومة بأنظمة شمولية, وكمونها يضمن استمراريتها ويضمن الامل بثورات
عادلة تسعى لتحقيق المطالب العادلة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
في اطار ذلك يتوجب قراءة مطالب الإمام الكاظم بأحقية الخلافة في هذا
السياق، اي سياق المطالبة بالاصلاحات السياسية والدينية بوصفها المطالب
الاساسية التي قامت عليها دعوات آبائه واجداده من آل البيت (ع ) كستراتيجية
طبعت مسيرتهم الاصلاحية وخلدتها في الضمير الانساني وضمنت لهم التعاطف
الجماهيري في فتراتهم التاريخية وما تلاها من فترات، وهذا ما يفسر المسيرات
الايحائية الكبرى التي تنطلق مع كل ذكرى لاستشهاد احد هؤلاء المصلحين
الكبار على النحو الذي شهدناه في الايام القليلة الماضية من خلال الزيارة
الكبرى في ذكرى استشهاد الإمام المظلوم وداعية الاصلاح راهب آل محمد (ص)
الإمام الكاظم (ع).